وقال مجاهد: (﴿وَصَلَوَاتٌ﴾ مساجد لأهل الكتاب، ولأهل الإسلام بالطرق)، والله تعالى أعلم.
وقوله: ﴿وَمَسَاجِد﴾ قال رفيع: (مساجد المسلمين). وقال قتادة: (المساجد: مساجد المسلمين يذكر فيها اسم الله كثيرًا).
وقوله: ﴿يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا﴾. قال الضحاك: (الجميع يذكر فيها اسم الله كثيرًا).
وقيل: بل الضمير في قوله ﴿فِيهَا﴾ عائد إلى المساجد لأنها أقرب المذكورات.
قال ابن جرير: (الصوابُ لَهُدِّمَت صوامع الرهبان وبيعُ النصارى وصلواتُ اليهود، وهي كنائسهم، ومساجد المسلمين التي يذكر فيها اسمُ الله كثيرًا، لأن هذا هو المستعمل المعروف في كلام العرب). وقال بعض أهل العلم: (هذا تَرَقٍّ من الأقل إلى الأكثر إلى أن ينتهي إلى المساجد، وهي أكثر عُمَّارًا وأكثر عُبّادًا، وهم ذوو القَصْدِ الصحيح).
والخلاصة: هذه سنة من سنن الله تعالى في خلقه وعباده، فإنه لولا أنه سبحانه يدفع عن قوم بقوم، ويكشف شرَّ أناس عن غيرهم بما يخلقه ويقدّره من الأسباب والتصريف لشؤون وأحوال العباد، لفسدت الأرض، وأهلك القوقي الضعيف، ولَبَالَغَ المتجبرون والطغاة في عتوهم وبطشهم، ولكن إرادة الله وأقداره تكسرهم وتمنعهم.
وقوله: ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ﴾.
سنة أخرى من سنن الله تعالى، وهي في أوليائه وأتباع أنبيائه ورسله. فإنهم إن صدقوا الله تعالى نَصْرَ دينه، صَدَقَهُم الله جل ثناؤه النصرَ والتمكين.
ففي التنزيل:
١ - قال تعالى: ﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ﴾ [غافر: ٥١].
٢ - وقال تعالى: ﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ [المجادلة: ٢١].
٣ - وقال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (٧) وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ﴾ [محمد: ٧ - ٨].
وفي مسند الإمام أحمد بإسناد صحيح على شرط الشيخين عن عبد الرحمن بن