ولا تخطيط، ثم تصير بإذن الله عظامًا، ثم يلبس الله تعالى العظام لحمًا.
وأول عظم يتشكل من الإنسان هو عجب الذنب، قال ابن عباس: (وهو عَظْمُ الصلب).
وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: [لَيْسَ من الإنسان شيءٌ إلا يَبْلى، إلا عظمًا واحدًا وهو عَجْبُ الذّنَب، ومنه يركّب الخلق يوم القيامة] (١).
وفي لفظ لمسلم وأبي داود وابن ماجة: [كل ابن آدم يأكله التراب إلا عَجْبَ الذَّنَبِ، مِنْهُ خُلِقَ، ومنه يُرَكَّبُ] (٢).
وقوله: ﴿ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ﴾. يشَمل نفخ الروح فيه، ثم إخراجه إلى الحياة لينتقل فيها من الطفولة إلى الشباب فالكهولة فالشيخوخة.
قال ابن عباس: (نفخ الروح فيه). وقال الضحاك: (يعني الروح تنفخ فيه بعد الخلق). وقال ابن عباس أيضًا: (خرج من بطن أمه بعدما خلق، فكان من بدء خلقه الآخر أن استهلّ، ثم كان من خلقه أن دُل على ثدي أمه، ثم كان من خلقه أن علم كيف يبسط رجليه، إلى أن قعد، إلى أن حبا، إلى أن قام على رجليه، إلى أن مشى إلى أن فُطِمَ، فعلم كيف يشرب ويأكل من الطعام، إلى أن بلغ الحلم، إلى أن بلغ أن يتقلب في البلاد).
وفي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: [إنَّ أحدكم يُجمع خلقُهُ في بطن أمه أربعين يومًا نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله إليه ملكًا، ويؤمر بأربع كلمات، ويقال له: اكتب عمله، ورزقه، وأجله، وشقي أو سعيد، ثم ينفخُ فيه الروح، فإن الرجل منكم ليعمل بعمل أهل الجنة، حتى لا يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار، فيدخل النار. وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار، حتى ما يكون بينه وبينها إلا
(٢) انظر صحيح مسلم (٢٩٣٣)، وسنن أبي داود (٤٧٤٣)، وابن ماجة (٤٢٦٦)، ومسند أحمد (٢/ ٣٢٢)، (٢/ ٤٢٨)، وصحيح ابن حبان (٣١٣٩).