فَأَنْشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (١٩) وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ (٢٠) وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (٢١) وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (٢٢)}.
في هذه الآيات: عَطْفٌ على خلق الإنسان، بِذِكْرِ خَلْقِ السماوات السبع العظام، وإنزال المطر من السماء وإسكانه في جوف الأرض وإخراج الزرع والفواكه والنخيل والثمار. وفي خلق الأنعام عبرة ومنافع لكم أيها الناس ومنها تأكلون، وتركبون عليها وكذلك على الفلك تُحملون.
فقوله: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ﴾. قال ابن عباس: (الطرائق: السماوات).
وقال مجاهد: (يعني: السماوات السبع).
وفي التنزيل نحو ذلك:
١ - قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا﴾ [نوح: ١٥].
٢ - وقال تعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾ [الطلاق: ١٢].
وقوله: ﴿وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ﴾.
قال ابن جرير: (يقول: وما كنا في خلقنا السماوات السبع فوقكم عن خلقنا الذي تحتها غافلين، بل كنا لهم حافظين من أن تسقط عليهم فتهلكهم).
فالمعنى كلما في التنزيل: ﴿يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ [الحديد: ٤].
قال ابن كثير: (أي: وهو سبحانه لا يحجُب عنه سماءٌ سماءً، ولا أرضٌ أرضًا، ولا جبلٌ إلا يعلم ما في وَعْره، ولا بَحْرٌ إلا يعلم ما في قَعْرِه، يعلم عدَدَ ما في الجبال والتلال والرمَال، والبحار، والقِفار والأشجار، ﴿وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ [الأنعام: ٥٩]).
وقوله: ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ﴾. قال ابن جريج: (ماء هو من السماء).
والمقصود: ذِكْرُ حِكْمَتِه سبحانه بإنزال ماء المطر بحسب الحاجة، لينتفع به العباد