وتحيا به البلاد، وقد سلكه ينابيع في الأرض لتحصل الفائدة منه عند طلبه.
وقوله: ﴿وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ﴾.
قال النسفي: (أي كما قدرنا على إنزاله نقدر على إذهابه، فقيِّدوا هذه النعمة بالشكر).
وقولهُ تعالى: ﴿فَأَنْشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ﴾.
قال ابن جرير: (يقول تعالى ذكره: فأحدثنا لكم بالماء الذي أنزلناه من السماء، بساتين من نخيل وأعناب، ﴿لَكُمْ فِيهَا﴾ يقول: لكم في الجنات فواكه كثيرة ﴿وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ﴾ يقول: ومن الفواكه تأكلون).
وخصّ سبحانه بالذكر النخيل والأعناب لأنها أشرف الثمار وأهمها عند العرب، وخاصة أهل الحجاز. فالنخيل لأهل المدينة، والأعناب لأهل الطائف، فذكرهم سبحانه بأجَلِّ ما يعرفون من نعم الله عليهم في طعامهم ليفردوه سبحانه بالشكر والتعظيم.
قال القرطبي: ﴿لَكُمْ فِيهَا﴾ أي في الجنات. ﴿فَوَاكِهُ﴾ من غير الرطب والعنب. ويحتمل أن يعود على النخيل والأعناب خاصة إذ فيها مراتب وأنواع، والأول أعم لسائر الثمرات).
وقوله: ﴿وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ﴾.
المقصود بالشجرة هنا: شجرة الزيتون. والطور: الجبل. و ﴿سَيْنَاءَ﴾ و"سِيْناء" قراءتان مشهورتان. فأهل الكوفة قرؤوها بفتح السين، وأهل المدينة والبصرة بكسرها. وطور سيناء هو طور سينين، وهو الجبل الذي كَلَّمَ الله عليه موسى عليه السلام، وما حوله من جبال الزيتون.
قال ابن عباس: (﴿وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ﴾: هو جبل بالشام مبارك. قال: الجبل الذي نودي منه موسى -صلى الله عليه وسلم-). وقال قتادة: (هو جبل حسن). قال الضحاك: (الطور: الجبل بالنبطية، وسيناء: حسنة بالنبطية).
وقوله: ﴿تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ﴾ أي تنبت ومعها الدهن. قال مجاهد: (بثمره). وعن ابن عباس: ﴿تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ﴾ يقول: هو الزيت يؤكل ويُدَّهن به). وقيل: الباء زائدة


الصفحة التالية
Icon