والتقدير: تُنبت الدهن. وقيل: التقدير: تنبت جناها ومعه الدهن، فالمفعول محذوف.
وقوله: ﴿وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ﴾. قال ابن زيد: (هذا الزيتون صبغ للآكلين، يأتدمون به ويصطبغون به).
قال القاسمي: (﴿تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ﴾ أي ملتبسة بالدهن المستصبح به ﴿وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ﴾ أي وبإدام يغمس فيه الخبز فـ (الصبغ) كالصباغ ما يصطبغ به من الإدام. ويختص بكل إدام مائع، يقال: "صبغ اللقمة: دهنها وغمسها" وكل ما غمس فقد صبغ. كذا في "المصباح" و"التاج").
قلت: وفضل الزيت وارد في القرآن الكريم كذلك في سورة النور.
قال تعالى: ﴿يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ﴾.
وأما السنة العطرة فقد جاء في فضائل الزيت والادهان به أحاديث صحيحة، منها:
الحديث الأول: أخرج الإمام أحمد والترمذي بسند حسن عن أبي أسيد رضي الله عنه، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: [كلوا الزيت وادّهنوا به، فإنه يخرج من شجرة مباركة] (١).
الحديث الثاني: أخرج ابن ماجة والترمذي بسند حسن في الشواهد عن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: [ائتدموا بالزيت وادّهنوا به، فإنه يخرجُ من شجرة مباركة] (٢).
الحديث الثالث: أخرج الطبراني بسند حسن عن ابن عباس، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: [ائتدموا من هذه الشجرة، يعني الزيت، ومَنْ عُرِضَ عليه طيبٌ فَلْيُصِبْ منه] (٣).
قال ابن القيم في "زاد المعاد": (الزيت حار رطب في الأولى، وغلط من قال: يابس، والزيت بحسب زيتونه، فالمعتصر من النضيج أعدلُه وأجوده، ومن الفج فيه برودة ويُبوسة، ومن الزيتون الأحمر متوسط بين الزيتين، ومن الأسود يُسخن ويرطب

(١) حديث صحيح لشواهده. أخرجه أحمد (٣/ ٤٩٧)، والحاكم (٢/ ٣٩٧) وصححه ووافقه الذهبي.
(٢) حديث حسن. أخرجه الترمذي (١٨٥١)، وابن ماجة (٣٣١٩)، ورجاله ثقات. وانظر صحيح الجامع (١٨)، وسلسلة الأحاديث الصحيحة (٣٧٩).
(٣) حديث حسن. أخرجه الطبراني بسند حسن. وأورده الهيثمي في "المجمع" (٥/ ٤٣)، وانظر صحيح الجامع الصغير -حديث رقم- (١٩)، والمرجع السابق.


الصفحة التالية
Icon