باعتدال، وينفع من السموم، ويطلق البطن، ويخرج الدود، والعتيق منه أشد تسخينًا وتحليلًا، وما استُخْرِجَ منه بالماء فهو أقل حرارة، وألطف وأبلغ في النفع، وجميع أصنافه ملينة للبشرة، وتبطئ الشيب. قال: وماء الزيتون المالح يمنع من تَنَفُّطِ حرق النار، ويشد اللّثَةَ، وورقُه ينفع من الحمرة والنّملة، والقروح الوسخة، والشَّرى، ويمنع العرق، ومنافعه أضعاف ما ذكرنا) (١).
وقوله تعالى: ﴿وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (٢١) وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ﴾.
ذكرُ بعض نعم الله تعالى في تسخير الأنعام للناس، فطريقة خلقها تشدّ إلى التأمل في عظيم قدرته سبحانه، واللبن الخارج من بين الفرث والدم آية كبرى، وبعض الأنعام كالإبل يُحمل عليها ويُركب ظهرها ويشرب درّها، آية أخرى. ثم يضاف إلى كل ذلك تذليل لحومها للأكل، وما يكون من غذائها من عظيم الفائدة للأبدان، آيات لقوم يتفكرون.
قال ابن جرير: (وقوله: ﴿وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ﴾ يقول: وعلى الأنعام وعلى السفن تحملون، على هذه في البرّ، وعلى هذه في البحر).
٢٣ - ٢٥. قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (٢٣) فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ (٢٤) إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ (٢٥)﴾.
في هذه الآيات: إرسالُ الله تعالى نبيَّه نوحًا -صلى الله عليه وسلم- يدعو قومه لإفراد الله سبحانه بالعبادة والتعظيم، ومقابلةُ الملأ الكافر له بالاستهزاء وأنه بشر ليس بملك كريم، وأنهم ما سمعوا بمثل ذلك في آبائهم الأولين، ثم اتهامهم له بالجنون وتواصيهم بانتظار اقتراب استراحتهم منه وريب المنون.