من الله بالهلاك، وهم الذين لم جمومنوا به من أهله، كابنه وزوجته، والله أعلم).
وقوله: ﴿وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ﴾.
قال ابن عباس: (يقول: ولا تسألني في الذين كفروا بالله أن أنجيهم ﴿إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ﴾ يقول: فإني قد حتمت عليهم أن أغرق جميعهم).
والمقصود: لا يكن بك شفقة عليهم إذا رأيتهم حوصروا بالماء وحلّ بهم الغرق والهلاك، فإن الله تعالى قد قضى إغراق قومكَ الذين كفروا وكانوا مجرمين.
وقوله تعالى: ﴿فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾.
يعني: إذا اعتدلت يا نوح أنت ومن معك من المؤمنين في السفينة فاحمدوا الله العظيم أن نجاكم من القوم المشركين. وهذا ما فعله نوح - ﷺ - حِين أمر قومه بذلك.
ففي التنزيل نحو ذلك:
١ - قال تعالى: ﴿وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا﴾ [هود: ٤١]. فذكر نوح ربه آمرًا قومه بذلك عند ابتداء سيره وعندَ انتهائه.
٢ - وقال تعالى: ﴿لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (١٣) وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ﴾ [الزخرف: ١٢ - ١٤].
وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: [أنَّ رسول الله - ﷺ - كان إذا استوى على بعيره خارجًا إلى سفر كبَّرَ ثلاثًا، ثم قال: سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (١٣) وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ}. اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البِرَّ والتقوى، ومن العمل ما ترضى، اللهم هَوِّن علينا سفرنا هذا، واطْوِ عَنَّا بُعْدَه، اللهم أنت الصاحِبُ في السفر والخليفة في الأهل. اللهم إني أعوذ بك من وَعْثاء السفر، وكآبة المَنْظَرِ وسوءَ المُنْقَلَب في المال والأهل. وإذا رجع قالهنّ وزاد فيهن: آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون" (١).
وفي جامع الترمذي بسند صحيح عن علي بن ربيعة قال: [شهدت عليًا أُتِيَ بدابة ليركبها، فلما وضع رجله في الركاب قال بسم الله، فلما استوى على ظهرها قال: الحمد لله. ثم قال: {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (١٣) وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا