الكافِرُ فَيُطْعَمُ بحسنات ما عَمِلَ بها لله في الدنيا، حتى إذا أفضى إلى الآخرة، لم تكُنْ له حسَنةٌ يُجْزى بها" (١).
٥٧ - ٦١. قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (٥٧) وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (٥٨) وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ (٥٩) وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (٦٠) أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ (٦١)﴾.
في هذه الآياتِ: ثناءُ الله تعالى على عباده المؤمنين، الذين جمعوا إلى إيمانهم إحسانًا وشفقة من يوم الدين، والذين يسارعون في الخيرات وقلوبهم وجلة أن لا يقبل منهم يوم يعرضون على رب العالمين.
فقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ﴾.
قال الحسن البصري: (إن المؤمن جمع إحسانًا وشفقة، وإن الكافر جمع إساءة وأمنًا).
فالمؤمنون بالله وجلون خائفون مع إحسانهم وإيمانهم ومبادرتهم إلى الطاعات والقربات.
وقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ﴾. يشمل الآياتِ الكونية والشرعية.
قال النسفي: (﴿وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ﴾ أي بكتب الله كلها، لا يفرقون بين كتبه كالذين تقطعوا أمرهم بينهم وهم أهل الكتاب).
وقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ﴾.
أي: يفردون ربهم سبحانه بالعبادة والتعظيم، ويوحدونه في أسمائه وصفاته ومحامده لا شريك له.
وقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ﴾.
أي: يعطون الصدقات ويتقربون بالطاعات وهم خائفون أن لا يقبل منهم. قال ابن عباس: (المؤمن ينفق ماله ويتصدق وقلبه وجل أنه إلى ربه راجع). وقال سعيد بن

(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٢٨٠٨) - كتاب صفات المنافقين، باب جزاء المؤمن بحسناته في الدنيا والآخرة، وتعجيل حسنات الكافر في الدنيا، ورواه أحمد.


الصفحة التالية
Icon