جبير: (يفعلون ما يفعلون وهم يعلمون أنهم صائرون إلى الموت، وهي من المبشرات).
أخرج الترمذي وابن ماجة بسند صحيح عن عائشة زوج النبي - ﷺ - قالت: [سألت رسول الله - ﷺ - عن هذه الآية: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ﴾ قالت عائشة: أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون؟ قال: لا، يا بِنْتَ الصديق ولكنهم الذين يَصومون ويُصلون وَيتَصَدَّقون وهم يخافون أن لا تُقْبَلَ منهم، أولئك الذين يُسارعون في الخيرات وهم لها سابقون] (١).
وفي لفظ ابن ماجة: [قالت: أهو الذي يزني ويسرق ويشرب الخمر؟ قال: لا. يا بنت أبي بكر. "أو يا بنت الصديق! "، ولكنه الرجل يصومُ وَيتَصَدَّق ويُصَلِّي، وهو يخاف أن لا تُقْبَّلَ منه].
وقوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ﴾.
قال ابن عباس: (يقول: سبقت لهم السعادة).
وقال ابن زيد: (والخيرات: المخافة والوجل والإيمان، والكف عن الشرك بالله، فذلك المسابقة إلى هذه الخيرات، وقوله: ﴿وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ﴾ كان بعضهم يقول: معناه: سبقت لهم من الله السعادة، فذلك سبوقهم الخيرات التي يعملونها).
قلت: والحديث السابق يدل على أن حالة القلب الذي يخشى صاحبه عدم القبول وهو مجتهد في الإيمان والعمل الصالح هي حالة صِحِّية يُرجى لصاحبها السبق والفوز في الآخرة. وقد جاءت نصوص الوحيين بذلك:
ففي التنزيل:
١ - قال تعالى: ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾ [السجدة: ١٦].
٢ - وقال تعالى: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ﴾ [الأنبياء: ٩٠].

(١) حديث صحيح. أخرجه الترمذي (٣٤٠١)، وابن ماجة (٤١٩٨). انظر صحيح سنن الترمذي (٢٥٣٧)، وصحيح سنن ابن ماجة (٣٣٨٤)، ورواه أحمد.


الصفحة التالية
Icon