فيقولان: قد كنا نعلمُ أنك تقولُ هذا، ثم يُفسَحُ له في قبره سبعون ذراعًا في سبعين، ثم يُنَوَّر له فيه، ثُم يقال له نَمْ، فيقول: أرجع إلى أهلي فأخبرهُم؟ فيقولان: نَمْ كنَوْمَةِ العروس الذي لا يوقِظُهُ إلا أحبُّ أهله إليه، حتى يبعثه الله من مَضْجَعِه ذلك. وإن كان منافقًا قال: سمعت الناس يقولون، فقلت: مثله، لا أدري، فيقولان: قد كنا نعلم أنك تقول ذلك، فيقال للأرض التئمي عليه، فتلتئِمُ عليه، فتختلف أضلاعُه، فلا يزال فيها معذبًا حتى يبعَثَهُ الله من مضجعِه ذلك] (١).
الحديث الثاني: أخرج الطبراني بسند حسن عن عبد الله بن مسعود، عن النبي - ﷺ - قال: [إنَّ الموتى ليعذَّبون في قبورهم، حتى إنَّ البهائم لتسمعُ أصواتهم] (٢).
وله شاهد عند الإمام أحمد من حديث عائشة مرفوعًا: [عذاب القبر حق].
الحديث الثالث: أخرج ابن حبان من حديث أم بشر رضي الله عنها قالت: [دخل عليّ رسول الله - ﷺ - وأنا في حائط من حوائط بني النجار، فيه قبور منهم قد ماتوا في الجاهلية، فسمعهم وهم يعذبون، فخرج وهو يقول: استعيذوا بالله من عذاب القبر، قالت: قلتُ: يا رسول الله! وإنهم ليُعَذَّبونَ في قبورهم؟ قال: نعم عذابًا تسمعُهُ البهائِم] (٣).
١٠١ - ١٠٤. قوله تعالى: ﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ (١٠١) فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٠٢) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (١٠٣) تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ (١٠٤)﴾.
في هذه الآياتِ: انعدامُ الانتفاع بالأنساب والقربى عند النفخ في الصور للقيام لرب العالمين. فمن ثقلت أعماله في الميزان كان من المفلحين، ومن خفت حسناته وثقلت سيئاته كان من الخاسرين، ومأواه إلى نار الجحيم.

(١) حديث صحيح. أخرجه الترمذي (٢/ ١٦٣)، وابن أبي عاصم في "السنة" (٨٦٤).
(٢) حديث حسن. أخرجه الطبراني (٣/ ٧٨/ ٢) بإسناد حسن. وانظر للشاهد مسند أحمد (٦/ ١٧٤)، وسلسلة الأحاديث الصحيحة (١٣٧٧).
(٣) حديث صحيح. أخرجه ابن حبان (٧٨٧)، وأحمد (٦/ ٣٦٢). وانظر المرجع السابق (١٤٤٤).


الصفحة التالية
Icon