الحديث الثالث: أخرج أبو بكر الشافعي في "الفوائد" والخطيب في "التاريخ" بِسند حسن لغيره عن عقبة بن عامر قال: [خَطَب عمر بن الخطاب إلى علي بن أبي طالب ابنته من فاطمة، وأكثر تردده إليه، فقال: يا أبا الحسن! ما يحملني على كثرة ترددي إليك إلا حديث سمعته من رسول الله - ﷺ - يقول: "كُلُّ سَبَبٍ ونَسَبٍ مُنْقَطِعٌ يومَ القيامة، إلا سَبَبي ونَسبي". فأحبَبْتُ أن يكون لي منكم أهل البيت سبب وصهر. فقام عليّ فأمر بابنته من فاطمة فَزُيِّتَتْ، ثم بعث بها إلى أمير المؤمنين عمر، فلما رآها قام إليها فأخذ بساقها، وقال: قولي لأبيك: قد رضيت، قد رضيت، فلما جاءت الجارية إلى أبيها قال لها: ما قال لك أمير المؤمنين؟ قالت: دعاني وقبلني، فلما قمت أخذ بساقي، وقال قولي لأبيك قد رضيت، فأنكحها إياه، فولدت له زيد بن عمر بن الخطاب، فعاش حتى كان رجلًا، ثم مات] (١).
وقوله تعالى: ﴿فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾.
قال ابن عباس: (أي: من رَجَحت حسناته على سيئاته ولو بواحدة ﴿فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾: أولئك الذين فازوا بما طلبوا، ونجُوا من شرِّ ما منه هربوا).
وفي التنزيل:
١ - قال تعالى: ﴿وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [الأعراف: ٨].
٢ - وقال تعالى: ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ (٤٧)﴾ [الأنبياء: ٤٧].
٣ - وقال تعالى: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (٨)﴾ [الزلزلة: ٧، ٨].
ومن كنوز السنة العطرة في آفاق هذه الآية أحاديث:
الحديث الأول: أخرج الحاكم بسند صحيح عن سلمان، عن النبي - ﷺ - قال: [يوضع الميزان يوم القيامة فلو وزن فيه السماوات والأرض لوسعت، فتقول الملائكة:

(١) أخرجه أبو بكر الشافعي في "الفوائد" (٧٣/ ٢٥٧/ ١)، وابن عدي (٦/ ٢)، والخطيب في "التاريخ" (٦/ ١٨٢)، وللحديث شواهد كثيرة ترتقي به للحسن. انظر سلسلة الأحاديث الصحيحة (٢٠٣٦) عقب الحديث المذكور.


الصفحة التالية
Icon