أخرج أبو داود والترمذي بسند جيد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: [كان رَجُلٌ يقال له: مَرْثَدُ بن أبي مَرْثَدٍ، وكان رجلًا يحمل الأُسارى من مكة حتى يأتيَ بهم المدينة. قال: وكانت امرأة بَغِيٌّ بمكة يقال لها: عَناق، وكانت صديقة له، وأنه واعد رجلًا من أُسارى مكة يَحْملُهُ. قال: فجئتُ حتى انتهيتُ إلى ظل حائطٍ من حوائطِ مكة في ليلة مقمرة، قال: فجاءت عَنَاق فأبْصَرَتْ سوادَ ظلٍّ تحت الحائط، فلما انتهَتْ إليَّ عَرَفَتْني، فقالت: مَرْثَد؟ فقلت: مَرْثَد. فقالت: مرحبًا وأهلًا، هَلُمَّ فَبِت عندنا الليلة. قال: فقلت: يا عناقُ، حَرَّمَ الله الزنا. فقالت: يا أهلَ الخيام، هذا الرجُل يحملُ أَسْراكم، قال: فتبعني ثمانية ودخلتُ الخَنْدَمَةَ (١)، فانْتَهيْتُ إلى غار - أو: كَهْف - فدخلت فيه، فجاؤوا حتى قاموا على رأسي فبالُوا، فَطَلَّ بولُهم على رأسي، فأعماهم الله عني. قال: ثم رجَعوا ورجعتُ إلى صاحبي فَحَمَلْتُه، وكان رجلًا ثقيلًا، حتى انتهيْتُ إلى الإِذْخَرِ، ففككت عنه أكبُلَهُ، فجعلت أحمِلُه ويُعينني، حتى قدمت المدينة، فأتيت رسول الله - ﷺ - فقلت: يا رسول الله، أَنكِحُ عناقًا؟ - مرتين - فأمسك رسول الله - ﷺ - فلم يرد عَليَّ شيئًا، حتى نزلت: ﴿الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾ فقال رسول الله - ﷺ -: يا مَرْثَدُ، ﴿الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ﴾، فلا تَنْكِحَها] (٢).
وأخرج الإمام أحمد بسند صحيح عن عبد الله بن عمرو: [أنَّ رجلًا من المسلمين استأذن رسول الله - ﷺ - في امرأة يقال لها: أم مهْزُولٍ - كانت تُسافِحُ، وتشترط له أن تُنفق عليه - قال: فاستأذن رسول الله - ﷺ - أو: ذُكِرَ له أمرُها - قال: فقرأ عليه نبيُّ الله - ﷺ -: ﴿وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ﴾] (٣).
وفي رواية: [فأنزل الله عز وجل: ﴿الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾]).

(١) الخندمة: جبل بمكة.
(٢) إسناده جيد. أخرجه أبو داود (٢٠٥١)، والترمذي (٣١٧٧)، والنسائي في "الكبرى" (٥٣٣٨)، والبيهقي (٧/ ١٥٣)، والحاكم (٢/ ١٦٦) مختصرًا. وقال صحيح الإسناد وأقره الذهبي. وانظر: "الصحيح المسند من أسباب النزول" - الوادعي - سورة النور، آية (٣).
(٣) حديث صحيح. أخرجه أحمد (٢/ ١٥٩)، وانظر لما بعده (٢/ ٢٢٥)، ورواه النسائي في "التفسير" (٣٧٩)، والبيهقي (٧/ ١٥٣)، والحاكم (٢/ ١٩٣ - ١٩٤) وصححه ووافقه الذهبي. وقال الهيثمي في المجمع (٧/ ٧٤): ورجال أحمد ثقات.


الصفحة التالية
Icon