فأنزل الله تعالى: ﴿وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ﴾ إلى قوله: ﴿وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ فقال أبو بكر: بلى والله إني لأحب أن يغفر الله لي، فرجع إلى مسطح الذي كان يجري عليه. وكان رسول الله - ﷺ - يسأل زينب بنت جحش عن أمري! فقال: يا زينب! ما علمت؟ ما رأيت؟ فقالت: أحمي سمعي وبصري، والله ما علمت عليها إلا خيرًا، قالت: وهي التي كانت تساميني فَعصمها الله بالورع] (١).
فإلى تفصيل ما نزل من القرآن الكريم، وهو يفضح سوءة المنافقين، ويرتقي بالمؤمنين المخلصين، ليرفعهم إلى مستوى الأدب الرفيع وحسن الظن، فإن المنافقين والشياطين يحبون أن تشيع الفاحشة في الأرض، ويودون خراب بيوت المسلمين.
قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾.
وفي التفاسير عن ابن عباس: (قوله: ﴿جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ﴾... الآية قال: الذين افتروا على عائشة: عبد الله بن أبي، وهو الذي تولى كِبْره، وحسان بن ثابت، ومِسْطَح، وحَمْنة بنت جحش).
فقد أغري بدعاية رأس النفاق جماعة من المؤمنين استزلهم الشَيطان فوقعوا في الإفك منهم حسان بن ثابت، ومِسْطَحُ بن اثاثة، وحَمْنة بنت جحش أخت زينب بنت جحش زوج النبي - ﷺ - التي عصمها الله بالورع، بينما هلكت أختها وخاضت مع الخائضين.
وقوله: ﴿لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾. قال ابن جرير: (يقول: لا تظنوا ما جاؤوا به من الإفك شرًّا لكم عند الله، وعند الناس، بل ذلك خير لكم عنده وعند المؤمنين، وذلك أن الله يجعل ذلك، كفارة للمرمي به، ويُظهر براءته مما رمي به، ويجعل له منه مخرجًا).
وعن علقمة بن وقاص وغيره قالوا: قالت عائشة: (كان الذي تولى كبره: الذين يجمعهم في بيته، عبد الله بن أبي بن سَلُول).

(١) حديث صحيح. انظر صحيح البخاري (٤١٤١)، كتاب المغازي. وكتابي: السيرة النبوية على منهج الوحيين: القرآن والسنة الصحيحة - حادثة الإفك - لتفصيل البحث.


الصفحة التالية
Icon