وقال ابن زَيد: (أما الذي تولى كبره منهم، فعبد الله بن أُبي بن سلول الخبيث، هو الذي ابتدأ هذا الكلام، وقال: امرأة نبيكم باتت مع رجل حتى أصبحت ثم جاء يقود بها).
وعن عروة عن خالته عائشة قال: (وأخبرت أنه كان يحدّث به عنهم، فيقره ويسمعه ويستوشيه).
وقال مجاهد: (والذي تولى كِبْرَهُ هو عبد الله بن أبي بن سلول، وهو بدأه).
ثم عاتب الله من خاض بالإفك من المؤمنين، وعلمهم الأدب الرفيع الذي كان ينبغي أن يتحلّوا به إذا ما عصفت بهم محاولات أهل المكر والكذب والنفاق، فقال جل ذكره: ﴿لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ﴾.
قال ابن زيد في التفسير: (الخير ظنّ المؤمن أن المؤمن لم يكن ليفجر بأمه، وأن الأم لم تكن لتفجر بابنها، إن أراد أن يفجر فجر بغير أمه، يقول: إنما كانت عائشة أمًّا، والمؤمنون بنون لها، محرّمًا عليها، وقرا: ﴿لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ﴾ الآية).
في حين أثنى الله على أبي أيوب وطائفة من المؤمنين كذبوا الخبر لثقتهم بآل بيت النبوة، وإدراكهم طبيعة المهزلة الساقطة التي كان يديرها المنافقون، فما إن سمع أبو أيوب بها قال: (سبحانك ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم).
فقد أخرج البخاري في صحيحه عن عروة عن عائشة رضي الله عنها: [أنَّ رسول الله - ﷺ - خطب الناس فحمد الله وأثنى عليه وقال: ما تشيرونَ عليّ في قوم يَسُبّون أهلي ما علمتُ عليهم من سوءٍ قط. وعن عروة قال: لما أُخبرت عائشةُ بالأمر قالت: يا رسول الله أتأذنُ أن أنطَلِقَ إلى أهلي فأذِنَ لها وأرسل معها الغلامَ. وقال رجلٌ من الأنصار سبحانك ﴿مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ﴾] (١).
وفي التفاسير عن محمد بن إسحاق، عن أبيه، عن بعض رجال بني النجار: [أن أبا أيوب خالد بن زيد، قالت له امرأته أمّ أيوب: أما تسمع ما يقول الناس في عائشة؟ قال: بلى وذلك الكذب، أكنت فاعلة ذلك يا أم أيوب؟ قالت: لا والله ما كنت لأفعله، قال: فعائشة والله خير منك. قال: فلما نزل القرآن، ذكر الله من قال في الفاحشة ما قال من أهل الإفك: ﴿إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ﴾ وذلك حسان وأصحابه