الحديث الخامس: أخرج أبو داود بسند صحيح عن ابن مسعود قال: قال رسول الله - ﷺ -: [لا تباشر المرأةُ المرأةَ لتنعتها لزوجها، كأنما ينظر إليها] (١).
وقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ﴾.
قال ابن جرير: (يقول: إن الله ذو خبرة بما تصنعون أيها الناس، فيما أمركم به من غضّ أبضاركم عما أمركم بالغضّ عنه، وحفظ فروجكم عن إظهارها لمن نهاكم عن إظهارها له).
وقوله: (﴿وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ﴾. تخصيص للإناث هنا بالخطاب على طريق التأكيد، وإلا فإن قوله: ﴿لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ عام، ويتناول المذكور والإناث، فلا يحل للرجل أن ينظر إلى المرأة، ولا المرأة أن تنظر إلى الرجل، إن رافق ذلك شهوة.
قلت: وأما بغير شهوة فيجوز للرجل أن ينظر إلى المرأة وهو يكلمها لحاجة ضوورية، كما يجوز للمرأة أن تنظر للرجل - بدون شهوة - بشكل عام. فإلى تفصيل ذلك:
١ - يباح للمرأة النظر إلى الرجل، لأن الأصل أن الرجل لم يُسْتر ولم يُحْجَب عن المرأة.
ففي صحيح مسلم من حديث فاطمة بنت قيس أن النبي - ﷺ - أمرها أن تَعْتَدَّ في بيتِ أم شريك، ثم قال: [تلك امرأة يغشاها أصحابي، اعتدّي عندَ ابن أم مكتوم، فإنه رجلٌ أعمى، تضعين ثيابك، فإذا حَلَلْتِ فآذِنيني] الحديث (٢).
وفي الصحيحين - واللفظ للبخاري - عن عروة بن الزبير، أن عائشة رضي الله عنها قالت: [لقد رأيت رسول الله - ﷺ - يومًا على باب حُجْرَتي والحَبَشَةُ يلعبونَ في المسجد، ورسول الله - ﷺ - يَسْتُرني بردائه أنْظُرُ إلى لعبهم] (٣).
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم في الصحيح - حديث رقم - (١٤٨٠) - كتاب الطلاق، ورواه مالك (٢/ ٥٨٠)، والشافعي (٢/ ١٨)، وأحمد (٦/ ٤١٢) في أثناء حديث مطول.
(٣) حديث صحيح. أخرجه البخاري في الصحيح - حديث رقم - (٤٥٤) - كتاب الصلاة، ورواه مسلم نحوه، ورواه أحمد في المسند (٦/ ٢٤٧).