أما حديث: "أفعمياوان أنتما" فضعيف عند المحدثين، وهو يعارض حديث فاطمة بنت قيس السابق، الذي رواه مسلم ومالك وأحمد وغيرهم.
٢ - يجوز للرجل النظر للمرأة دون شهوة في حاجة لا بد منها. فما دام قد أذن الله للمرأة بكشف وجهها جاز أن ينظر لها لسبب ما إلا إذا شعر بنظره الشهوة.
ففي سنن أبي داود بسند صحيح عن أم حبيبة: [أنَّها كانت تحت عبيد الله بن جحش، فمات بأرض الحبشة، فزوجها النجاشي النبي - ﷺ -، وأمهرها عنه أربعة آلاف، وبعث بها إلى رسول الله - ﷺ -، مع شرحبيل بن حسنة] (١).
وفي صحيح مسلم عن أنس قال: [لما انقضت عدة زينبَ بنتِ جحش قال رسول الله - ﷺ - لزيد بن حارثة: ما أَجِدُ أحدًا آمنَ عندي وأوثق في نفسي منك، أنت زينب فاخطبها علي. قال: فانطلق زيد فأتاها وهي تخمر عجينها، فلما رأيتها عظمت في صدري فلم أستطع أن أنظر إليها حين عرفت أن الرسول - ﷺ - قد ذكرها] الحديث (٢).
٣ - ويحرم النظر عند وجود داعي الشهوة ويجب الرجوع إلى الأصل وهو غض البصر.
ففي صحيح مسلم وسنن أبي داود عن جابر: [أن النبي - ﷺ - رأى امرأة، فأتى امْرأته زينب، وهي تَمْعَسُ مَنِيئةً (٣) لها، فقضى حاجته، ثم خَرَج إلى أصحابه فقال: إنَّ المرأة تُقْبِلُ في صورةِ شيطان، وتُدْبِرُ في صورة شيطان، فإذا أبصر أحدكم امرأة فليأتِ أهلَهُ، فإن ذلك يرُدُّ ما في نفسه] (٤).
وفي لفظ: [إذا أحدُكُم أعجبَتْه المرأة، فوقعت في قلبه فَلْيَعْمِد إلى امرأتِه فَليُواقِعْها، فإن ذلك يرُدُّ ما في نفسه]. وفي رواية أبي داود: (فإنه يضمر ما في نفسه).
وفي الصحيحين وسنن أبي داود عن ابن عباس قال: [ما رأيت شيئًا أشبه باللمم، مما قال أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي - ﷺ -: إنّ الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا، أدرك ذلك لا محالة، فزنا العينين النظر، وزنا اللسان المنطق، والنفس تمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك ويكذبه].
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم (١٤٢٨)، وأحمد في المسند (٣/ ١٩٥ - ١٩٦).
(٣) معست الجلد أي دلكته، فالمنيئة فعيلة بمعنى الجلد، والمراد الدباغ والإصلاح.
(٤) حديث صحيح. أخرجه مسلم (١٤٠٣) - كتاب النكاح، وأبو داود (٢١٥١) - في النكاح أيضًا.