وأما تفصيل بعض مفردات الآية السابقة:
فالبعل هو الزوج. قال القرطبي: (يرى الزينة من المرأة وأكثر من الزينة، إذ كل محلٍّ من بدنها حلال له لذةً ونظرًا. ولهذا المعنى بدأ بالبعولة).
وأبناء بعولتهن: المراد ذكور أولاد الأزواج، ويدخل فيه أولاد الأولاد وإن سَفَلوا، من ذُكران كانوا أو إناث، كبني البنين وبني البنات، وكذلك آباء البعولة والأجداد وإن عَلوْا من جهة الذكران لآباء الآباء وآباء الأمهات وكذلك أبناؤهن وإن سَفَلوا. ذكره القرطبي ثم قال: (وكذلك أبناء البنات وإن سفلن، فيستوي فيه أولاد البنين وأولاد البنات. وكذلك أخواتهن، وهم مَنْ ولده الآباء والأمهات أو أحد الصِّنفين. وكذلك بنو الإخوة وبنو الأخوات وإن سَفَلُوا من ذُكران كانو! أو إناث كبني بني الأخوات وبني بنات الأخوات. وهذا كله في معنى ما حرم من المناكح، فإن ذلك على المعاني في الولادات وهؤلاء محارم).
وأما قوله: ﴿أَوْ نِسَائِهِنَّ﴾. فالمقصود النساء المسلمات، ويدخل في هذا الإماء المؤمنات. ولا حرج لغير المسلمات أن تظهر المرأة أمامهن كما تظهر أمام نساء المؤمنات إلا إن كنّ ممن يَصِفْنَ لأزواجهن أو للرجال ما تزيْن، فعندئد يحرم على المرأة إظهار زينتها أمامهن، وهذا الحكم لا يخصّ النساء غير المسلمات فقط، بل ينسحب على النساء المسلمات إن الثشركن بعلة وصف المحاسن لأزواجهن أو للرجال.
وأما ما ذهب إليه بعض الفقهاء من تحريم إظهار المرأة المسلمة شيئًا من بدنها أمام المرأة المشركة فهذا مما لا دليل عليه، والعلة السابقة وهي: وصف المحاسن قد تشترك بها المسلمة والكافرة كما أشرت، والله تعالى أعلم.
وقوله: ﴿أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ﴾ يشمل العبيد والإماء المسلمات والكتابيات. قال ابن عباس: (لا بأس أن ينظر المملوك إلى شعر مولاته).
أخرج أبو داود بسند صحيح عن أنس: [أنَّ النبي - ﷺ - أتى فاطمة بعبد قد وهبه لها، قال: وعلى فاطمة ثوب، إذا قَنَّعت به رأسها، لم يبلغ رجليها، وإذا غَطَّت به رجليها لم يبلغ رأسها. فلما رأى النبي - ﷺ - ما تلقى قال: إنه ليس عليك بأسٌ، إنما هو أبوك وغلامُك] (١).

(١) حديث صحيح. أخرجه أبو داود في السنن (٤١٠٦) - كتاب اللباس، باب لبس النساء، (٣٤) باب في العبد ينظر إلى شعر مولاته. وانظر صحيح أبي داود (٣٤٦٠).


الصفحة التالية
Icon