وأخرج ابن ماجة بسند صحيح عن جابر: [أن أم سلمة استأذنت رسول الله - ﷺ -: في الحجامة. فأمر النبي - ﷺ - أبا طيبة أن يحجمها. وقال: حسبت أنه كان أخاها من الرضاعة، أو غلامًا لم يحتلم] (١).
وقوله: ﴿أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ﴾ الإرْبَةُ الحاجة. وقوله: ﴿التَّابِعِينَ﴾ قال قتادة: (هو التابع يتبعك يصيب من طعامك). قال ابن عباس: (فهذا الرجل يتبع القوم، وهو مُغَفَّلٌ في عقله، لا يكترث للنساء ولا يشتهيهنَّ).
وقال مجاهد: (الذين لا يهمهم إلا بطونهم، ولا يُخافون على النساء). وقال أيضًا: (﴿غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ﴾ قال: هو الأبله، الذي لا يعرف شيئًا من النساء). وقال الشعبي: (تبع الرجل وحشمه: الذي لم يبلغ أرَبَه أن يطَّلع على عورة النساء). وقال سعيد بن جبير: (المعتوه). وقال الزهري: (هو الأحمق، الذي لا همة له بالنساء ولا أرب).
قلت: وكلها أقوال متقاربة تتوجَّهُ إلى مَنْ لا فَهْمَ له ولا همة ينتبه بها إلى أمر النساء، وإنما يكون في القوم أو نشأ بينهم ويتبعهم لإرفاقهم إياه ولا حاجة له في النساء.
وفي صحيح مسلم وسنن أبي داود - واللفظ له - عن عائشة قالت: [كان يدخل على أزواج النبي - ﷺ - مُخَنَّث، فكانوا يعدونه، من غير أولي الإربة، فدخل علينا النبي - ﷺ - يومًا، وهو عند بعض نسائه، وهو ينعت امرأة، فقال: إنها إذا أقبلت، أقبلت بأربع، وإذا أدبرت أدبرت بثمان. فقال النبي - ﷺ -: "ألا أرى هذا يعلم ما هاهنا، لا يدخُلَنَّ عليكن هذا". فحجبوه] (٢).
وفي زيادة عند أبي داود: (وأخرجه، فكان بالبيداء يدخل كل جمعة يستطعم).
وفي رواية: [فقيل: يا رسول، إنه إذن يموت من الجوع، فأذن له أن يدخل في كلّ جمعة مرتين فيسأل ثم يرجع].
وقوله: ﴿أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ﴾. قال مجاهد: (لم يَدْروا
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٢١٨١)، وأبو داود (٤١٠٧)، وانظر للزيادة (٤١٠٩)، (٤١١٠).