والأنصاب إلا يتساقطون في النّار، حتى إذا لم يُبْقَ إلا مَنْ كان يَعْبُدُ الله بَرٌّ أو فاجِرٌ وغُبَّراتُ أهلِ الكتاب، فَيُدعى اليهودُ، فيُقال لهم: ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنا نَعْبُدُ عُزَيْرًا ابنَ الله، فيقال لهم: كَذَبْتُم ما اتَّخَذَ اللهُ من صاحِبَةِ ولا وَلَدٍ، فماذا تَبْغُون؟ فقالوا: عَطِشْنا رَبَّنا فاسْقِنَا، فيشَارُ ألا تَرِدون! فَيُحْشَرونَ إلى النارِ كأنَّها سَرابٌ يَحْطِمُ بَعْضُها بَعْضًا فيتساقطون في النار، ثم يدعى النصارى فيقال لهم: ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كُنّا نعبدُ المسيح ابنَ الله، فيُقالُ لهم: كذبتم ما اتَّخَذَ الله من صاحبة، فيقال لهم: ماذا تَبْغُونَ؟ فكذلك مِثْلَ الأول] الحديث (١).
وقوله: ﴿وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ﴾. أي: وإنما وجد في نهاية المسير زبانية العذاب تعتله إلى النار، فيما قضاه الله تعالى عليه من الذل والعذاب والهوان. وقوله: ﴿وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾. قال النسفي: الأنه لا يحتاج إلى عد وعقد، ولا يشغله حساب عن حساب، أو قريب حسابه لأن ما هو آت قريب).
وقوله: ﴿أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ﴾. قال قتادة: (وهو العميق). والمقصود: كثير الماء، فنسب إلى اللج وهو معظم ماء البحر.
فبعد أن ذكر الله أحوال أئمة الكفر أصحاب الجهل المركب، عطف بذكر أصحاب الجهل البسيط. قال ابن كثير: (وهم الطَّماطم الأغْشامُ المقلِّدون لأئمة الكفر، الصمُّ البكم الذين لا يعقلون).
وقوله: ﴿يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ﴾. قال ابن عباس: (يعني بذلك الغشاوة التي على القلب والسمع والبصر، وهو كقوله: ﴿خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [البقرة: ٧]، وكقوله: ﴿أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ﴾ [الجاثية: ٢٣]).
وعن أبي بن كعب قال: (ضرب مثلًا آخر للكافر، فقال. ﴿أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ... ﴾ الآية، قال: فهو يتقلب في خمس من الظلم: فكلامه ظلمة، وعمله ظلمة، ومَدخله ظلمة، ومخرجه ظلمة، ومصيره إلى الظلمات يوم القيامة، إلى النار).
قال ابن جرير: (فجعل الظلمات مثلًا لأعمالهم، والبحر اللجي مثلًا لقلب الكافر،