٤ - وقال تعالى: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾ [النساء: ٥٩].
قال ابن عباس: (من جحد ما أنزل الله فقد كفر، ومن أقرَّ به ولم يحكم، فهو ظالم فاسق).
ومن كنوز صحيح السنة في آفاق هذه الآية أحاديث:
الحديث الأول: أخرج الدارمي بسند صحيح عن زياد بن حُدَير قال: [قال لي عمر: هل تعرف ما يهدم الإسلام؟ قال: قلت: لا. قال: يهدمه زَلَّةُ العالم، وجدال المنافق بالكتاب، وحكم الأئمة المضلين] (١).
الحديث الثاني: أخرج الترمذي بسند حسن عن عدي بن حاتم قال: [أتيت النبي - ﷺ -، وفي عنقي صليب من ذهب، فقال: "يا عَدِيُّ اطْرَحْ عنك هذا الوثَن"، وسمعته يقرأ في سورة براءة: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ [التوبة: ٣١]، قال: "أما إنّهم لم يكونوا يَعْبُدونهم، ولكنهم كانوا إذا أحَلَّوا لهم شيئًا استَحَلُّوه، وإذا حَزَموا عليهم شيئًا حرَّموه"] (٢).
الحديث الثالث: أخرج أبو داود والنسائي بسند صحيح عن هانئ بن يزيد، عن النبي - ﷺ - قال: [إنَّ الله هو الحَكَمُ، وإليه الحُكم] (٣). والحَكَمُ: هو الحاكم، وحقيقته: الذي سُلِّمَ له الحُكم ورُدَّ إليه.
وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾. قال قتادة: (﴿يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ فيما أمرأه، ويترك ما نَهَيا عنه، ﴿وَيَخْشَ اللَّهَ﴾ فيما مضى من ذنوبه، ﴿وَيَتَّقْهِ﴾ فيما يُسْتَقبل). قال ابن كثير: (وقوله: ﴿فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾، يعني: الذين فازوا بكل خير، وأمنوا من كلِّ شَرٍّ في الدنيا والآخرة).

(١) حديث صحيح. أخرجه الدارمي (١/ ٧١) من حديث زياد بن حُدَير، وانظر تخريج المشكاة (١/ ٢٦٩). قال الألباني: وسنده صحيح. وانظر كتابي: أصل الدين والإيمان (١/ ٤٣٤) -توحيد التشريع- لمزيد من تفصيل هذا البحث.
(٢) حديث حسن. انظر صحيح سنن الترمذي (٢٤٧١) - أبواب تفسير القرآن، سورة التوبة، آية (٣١). وله شاهد عند الطبري (١٦٦٣٤) من حديث حذيفة موقوفًا.
(٣) حديث صحيح. أخرجه أبو داود (٤٩٥٥). وانظر صحيح سنن أبي داود (٤١٤٥)، وصحيح الجامع (١٨٤١)، والإرواء (٢٦٨٢)، ورواه النسائي.


الصفحة التالية
Icon