وفي التنزيل:
١ - قال تعالى: ﴿فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ﴾ [آل عمران: ١٨٥].
٢ - وقال تعالى: ﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (٣٣) وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (٣٤) الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ﴾ [فاطر: ٣٣ - ٣٥].
قال ابن عباس: (﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ﴾ قال: حزن النار). وقال قتادة: (كانوا في الدنيا يعملون وينصبون، وهم في خوف أو يحزنون). قلت: فأول لحظات السعادة الأبدية، والشعور بلذة الفوز والظفر، عند وضع أول قدم على باب الجنة.
وفي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله - ﷺ - قال: [إنّ أهل الجنة يتراءَون أهل الغرف من فوقهم كما تتراءون الكوكب الدري الغابر في الأفق، من المشرق أو المغرب لتفاضل ما بينهم، قالوا: يا رسول الله! تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرُهم. قال: بلى والذي نفسي بيده، رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين] (١).
٥٣ - ٥٤. قوله تعالى: ﴿وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لَا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (٥٣) قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (٥٤)﴾.
في هذه الآيات: فَضْحُ الله تعالى المنافقين في تأكيدهم الخروج للجهاد مع رسول الله - ﷺ - بالحلف وهم كاذبون. إنه من يطع الله ورسوله ينعم بنور الهداية ومن يعرض فما على الرسول إلا البلاغ المبين.
فقوله: (﴿وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ﴾. إخبار عن حال أهل النفاق في استخدامهم أغلظ أيمانهم وأشدّها في الحلف لرسول الله - ﷺ - لئن أمرهم بالخروج إلى جهاد عدوه وعدو المؤمنين ليخرجن. قال القرطبي: (﴿جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ﴾: أي طاقة

(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٣٢٥٦)، وانظر مختصر صحيح مسلم (١٩٦١).


الصفحة التالية
Icon