ما قدروا أن يحلفوا). وقال مقاتل: (من حلف بالله فقد أجهد في اليمين). وقوله: ﴿قُلْ لَا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ﴾. قال مجاهد: (قد عُرفت طاعتكم إليَّ أنكم تكذبون ﴿إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾: يقول: إن الله ذو خبرة بما تعملون من طاعتكم الله ورسوله، أو خلافكم أمرهما، أو غير ذلك من أموركم، لا يخفى عليه من ذلك شيء، وهو مجازيكم بكل ذلك).
وقوله: ﴿قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾. أي: أخلصوا في اتباع كتابه وسنة نبيّه وذروا النفاق والرياء والكذب. قال النسفي: (صرف الكلام عن الغيبة إلى الخطاب على طريق الالتفات، وهو أبلغ في تبكيتهم). وقوله: ﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ﴾. أي: فإن تتولوا فإنه وبال ذلك عليكم، وضرره راجع إليكم، فإن الرسول عليه البلاغ -وهو ما حَفَلهُ الله تعالى- وأما أنتم فعليكم ما حُمِّلْتُم من التكليف ووجوب الإذعان لأمر الله والقيام بطاعته، فإن أبيتم وقعتم تحت سخط الله وتعرضتم لعقابه.
وقوله: ﴿وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا﴾. أي: إن تطيعوا رسولكم ترشدوا وتصيبوا الحق وطريق الهداية إلى سعادتكم في الدارين.
وقوله: ﴿وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾. أي البلاغ بالوحي الذي فيه إقامة الحجة عليكم. قال ابن جرير: (يقول: فليس على محمد أيها الناس إلا أداء رسالة الله إليكم، وعليكم الطاعة، وإن أطعتموه لحظوظ أنفسكم تصيبون، وإن عصيتموه بأنفسكم فتوبقون).
٥٥ - ٥٧. قوله تعالى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (٥٥) وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٥٦) لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٥٧)﴾.
في هذه الآيات: وَعْدُ الله تعالى المؤمنين الاستخلاف في الأرض والتمكين، فمن