عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ} إلى قوله: ﴿أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ﴾] (١).
وفي رواية الزهري: [فكانوا يقولون: إنه لا يحل لنا أن نأكل، إنهم أذنوا لنا عن غير طِيب أنفسهم، وإنما نحن أمناء. فأنزل الله: ﴿أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ﴾].
والمقصود: لا حرج على هؤلاء الذين سُمُّوا في هذه الآية، أن يأكلوا من بيوت من ذكره الله فيها. وفائدة إقحام النفس بقوله: ﴿وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ﴾ أن المراد به ليس على الضعفاء المطعمين، ولا على الذاهبين إلى بيوت القرابات، أو مَنْ هو في مثل حالهم وهم الأصدقاء- حرج في الأكل من بيوت من ذُكِر.
وعن الفرّاء: (قوله تعالى: ﴿وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ﴾ أي بيوت أزواجكم وعيالكم). أضافه إليهم، لأن بيت المرأة كبيت الزوج. وقال ابن قتيبة: (أراد بيوت أولادهم). فنسب بيوت الأولاد إلى الآباء، لأن الولد من كسب الوالد، وماله بمنزلة مال أبيه.
وقد حفلت السنة الصحيحة بآفاق هذا المعنى في أحاديث:
الحديث الأول: أخرج ابن ماجة بسند صحيح عن عائشة قالت: قال رسول الله - ﷺ -: [إن أطْيَبَ ما أكَلَ الرجلُ من كسْبِهِ، وإن ولَدَهُ من كسْبِهِ] (٢) وفي رواية: [إن أَطْيبَ ما أكَلْتُم من كَسْبِكُم، وإن أولادَكم مِنْ كَسْبِكُم]. وفي رواية عند أبي داود: [ولد الرجل من كسْبِهِ، من أطيب كسبِهِ، فكلُوا من أموالهم] (٣).
الحديث الثاني: أخرج أبو داود بسند صحيح عن عبد الله بن عمرو: [أن رجلًا أتى النبي - ﷺ - فقال: يا رسول الله، إنّ لي مالًا وولدًا، وإنَّ والدي يحتاج مالي؟ قال: أنت ومالكَ لوالدك، إنَّ أولادكم من أطيب كسبكم، فكلوا من كسب أولادكم] (٤).

(١) حديث صحيح. أخرجه البزار ورجاله رجال الصحيح. انظر الصحيح المسند من أسباب النزول - الوادعي- سورة النور، آية (٦١)، وقال السيوطى في "لباب النقول": سنده صحيح.
(٢) حديث صحيح. أخرجه ابن ماجة (٢١٣٧) - كتاب التجارات، باب الحث على المكاب. وانظر صحيح سنن ابن ماجة -حديث رقم- (١٧٣٨). وحديث رقم- (١٨٣٤).
(٣) حديث صحيح. أخرجه أبو داود (٣٣٢٩) - كتاب الإجا زة. انظر صحيح أبي داود (٣٠١٤).
(٤) حديث حسن صحيح. أخرجه أبو داود (٣٥٣٠)، وابن ماجة (٢٢٩٢)، وانظر صحيح سنن أبي داود (٣٠١٣)، وصحيح ابن ماجة (١٨٣٦).


الصفحة التالية
Icon