وقوله: ﴿كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً وَمَصِيرًا﴾. أي ثوابًا ومستقرًا ومرجعًا.
قال النسفي: (وإنما قيل كانت لأن ما وعد الله كأنه كان لتحققه، أو كان ذلك مكتوبًا في اللوح قبل أن خلقهم).
وقوله: ﴿لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ﴾. أي من ألوان الملذات وأشكال النعيم.
وفي التنزيل:
١ - قال تعالى: ﴿إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ (٥٥) هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ (٥٦) لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ (٥٧) سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ﴾ [يس: ٥٥ - ٥٨].
٢ - وقال تعالى: ﴿كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (٥٤) يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ﴾ [الدخان: ٥٤ - ٥٥].
٣ - وقال تعالى: ﴿إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا (٣١) حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا (٣٢) وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا (٣٣) وَكَأْسًا دِهَاقًا (٣٤) لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا (٣٥) جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا﴾ [النبأ: ٣١ - ٣٦].
ومن روائع السنة العطرة في آفاق هذه الآية أحاديث:
الحديث الأول: أخرج البخاري في صحيحه عن أنس قال: قال رسول الله - ﷺ -: [غدوةٌ في سبيل الله أو رَوْحَةٌ خيرٌ من الدنيا وما فيها، ولو أن امرأة من نساء أهل الجنة اطلعت إلى الأرض لأضاءت ما بينهما، ولملأت ما بينهما ريحًا، ولنصيفُها على رأسها خير من الدنيا وما فيها] (١). والنصيف: الخمار.
الحديث الثاني: أخرج مسلم وابن ماجة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - ﷺ -: [يقول الله عز وجل: أعْدَدْتُ لعبادي الصالحين ما لا عَيْنٌ رأتْ، ولا أُذُنٌ سمعت، ولا خَطَرَ على قلب بشر، ذُخْرًا، بَلْهَ ما أطلعكم الله عليه] (٢). ثم قرأ: ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ﴾.
الحديث الثالث: أخرج الترمذي والدارمي بسند حسن عن أبي هريرة، عن النبي - ﷺ - قال: [مَوْضِعُ سَوْطِ أحدكم في الجنة خيرٌ من الدنيا وما فيها، وقرأ: {فَمَنْ زُحْزِحَ
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٢٨٢٤) ح (٤). وأخرجه ابن ماجة (٤٣٢٨) - في صفة الجنة.