باطلًا، لأنهم لم يعملوه لله وإنما عملوه للشيطان).
قال القرطبي: (فأما الهباء المنبث فهو ما تثيره الخيل بسنابكها من الغبار. والمنبث: المتفرق).
أخرج ابن ماجة بسند صحيح عن أبي عامر الألهاني، عن النبي - ﷺ - أنه قال: [لأعْلَمَنَّ أقوامًا من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضًا، فيجعلها الله هباءً منثورًا. قال ثوبان: يا رسول الله صفهم لنا، جَلِّهِمْ لنا، أن لا نكون منهم ونحن لا نعلم، قال: أما إنهم إخوانْكم، ومِنْ جِلْدَتِكُم، ويأخذون من الليل كما تأخذون، ولكنهم أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها] (١).
وفي صحيح مسلم عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - ﷺ -: [إنَّ الله لا يَظلِمُ مُؤْمِنًا حَسَنَةً، يُعطي بها في الدنيا ويَجْزِي بها في الآخرة، وأما الكافر فَيُطْعَمُ بحسناتِ ما عَمِلَ بها لله في الدنيا، حتى إذا أفضى إلى الآخرة، لم تَكُنْ له حَسَنَةٌ يُجْزَى بها] (٢).
وقوله تعالى: ﴿أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا﴾.
قال ابن عباس: (إنما هي ضَحْوَةٌ، فيقيلُ أولياء الله على الأسرَّةِ مع الحور العين، ويقيلُ أعداءُ الله مع الشياطين مُقَرَّنين).
وقال سعيد بن جبير: (يفرغ الله من الحساب نصفَ اللهار، فيقيلُ أهل الجنة في الجنة، وأهلُ النار في النار، قال الله تعالى: ﴿أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا﴾).
وعن قتادة: (﴿أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا﴾ أي: مأوى ومنزلًا).
قال النسفي: (والمستقر: المكان الذي يكونون فيه في أكثر أوقاتهم يتجالسون ويتحادثون. ﴿وَأَحْسَنُ مَقِيلًا﴾: مكانًا يأوون إليه للاسترواح إلى أزواجهم، ولا نوم في الجنة، ولكنه سمى مكان استراحتهم إلى الحور مقيلًا على طريق التشبيه).
وفي الصحيحين من حديث أبي موسى الأشعري عن النبي - ﷺ - قال: [إن في الجنة
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٢٨٠٨) - كتاب صفات المنافقين، ح (٥٦)، (٥٧).