قوله ﴿وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا﴾] (١).
وقوله تعالى: ﴿وَقَالَ الرَّسُولُ يَارَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا﴾.
إخبارٌ من الله عن شكوى رسوله إليه في استهزاء قومه الذين بعث إليهم بهذا القرآن، فلا يصغون إليه ولا يسمعونه، بل يكثرون اللغط والفوضى عند سماعه يُتلى لئلا يؤثر في قلوب الناس.
كما قال تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ﴾ [فصلت: ٢٦].
قال ابن زيد: (لا يريدون أن يسمعوه، وإن دعوا إلى الله قالوا لا، وقرأ: ﴿وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ﴾ [الأنعام: ٢٦] قال: ينهون عنه، ويبعدون عنه).
وعن مجاهد: (قوله: ﴿اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا﴾ قال: يهجُرون فيه بالقول، يقولون: هو سحر). وقال: ﴿مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ﴾ [المؤمنون: ٦٧] قال: مستكبرين بالبلد سامرًا مجالس تهجرون، قال: بالقول السَّيِّئ في القرآن غير الحق).
وقوله: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ﴾.
قال ابن عباس: (يوطن محمدًا - ﷺ - أنه جاعل له عدوًا من المجرمين كما جعل لمن قبله).
كما في التنزيل: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (١١٢) وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ﴾ [الأنعام: ١١٢، ١١٣].
وقوله: ﴿وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا﴾.
قال ابن جرير: (يقول تعالى ذكره لنبيه: وكفاك يا محمد بربك هاديًا يهديك إلى الحق، ويبصرك الرشد، ونصيرًا: يقول: ناصرًا لك على أعدائك، يقول: فلا يهولنك أعداؤك من المشركين، فإني ناصرك عليهم، فاصبر لأمري، وامض لتبليغ رسالتي إليهم).
قلت: والخطاب يعمّ ببشائره كل من سار على منهاج النبوة في العلم والإيمان