وفي قوله: ﴿وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا﴾ تأويلان متكاملان:
التأويل الأول: عن إبراهيم: (﴿وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا﴾ قال: نزل متفرّقًا). قال الحسن: (كان ينزّل آية وآيتين وآيات جوابًا لهم إذا سألوا عن شيء أنزله الله جوابًا لهم، وردًّا عن النبيّ فيما يتكلمون به، وكان بين أوله وآخره نحو من عشرين سنة). قال ابن جرير: (قوله: ﴿وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا﴾ يقول: وشيئًا بعد شيء علمناكه حتى تحفظه، والترتيل في القراءة: الترسل والتثبت).
التأويل الثاني: قال قتادة: (﴿وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا﴾: وبَيَّناه تبيينًا). وقال ابن زيد: (وفسّرناه تفسيرًا).
وقوله: ﴿وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ﴾.
قال ابن جريج: (الكتاب بما تردّ به ما جاؤوا به من الأمثال التي جاؤوا بها وأحسن تفسيرًا).
وعن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: (﴿وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ﴾ - أي: بما يلتمسون به عيبَ القرآن والرسول، ﴿إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا﴾، أي: إلا نزَلَ جبريلُ مِنَ الله بجوابهم).
وقوله: ﴿وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا﴾. أي: وأحسن مما جاؤوا به من المثل بيانًا وتفصيلًا. قال ابن عباس: يقول: (أحسن تفصيلًا). وقال مجاهد: (بيانًا). وقال الضحاك: (يقول: تفصيلًا).
وقوله: ﴿الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا﴾.
إخبار من الله سبحانه عن سوء صفة المشركين في مظهر حشرهم يوم القيامة، فهم يحشرون بين الناس في صورة هي غاية من الذل والخزي والقبح إهانة لهم. قال مجاهد: (الذي أمشاهم على أرجلهم قادر على أن يمشيهم على وجوههم).
وقال النسفي: (﴿أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا﴾ أي مكانة ومنزلة أو مسكنًا ومنزلًا).
والمقصود: أن المؤمنين في نعيم وسرور، والكافرين في ذل وصغار وأسوأ منزلة.
وفي الصحيحين عن أنس: [أن رجلًا قال: يا نبي الله! كيف يحشر الكافر على وجهه