وله شاهد عند البغوي عن ابن مسعود يرفعه: [ليس من سنة بأمَرَّ من أخرى، ولكن الله قسم هذه الأرزاق، فجعلها في السماء الدنيا في هذا القطر، ينزل منه كل سنة بِكَيْلٍ معلوم ووزن معلوم، وإذا عمل قوم بالمعاصي حَوَّل الله ذلك إلى غيرهم، فإذا عصوا جميعًا صرف الله ذلك إلى الفيافي والبحار] (١).
وفي معجم الطبراني بسند حسن عن ابن عباس، عن النبي - ﷺ - قال: [خمس بخمس: ما نَقَضَ قوم العهد إلا سُلط عليهم عدوهم، وما حكموا بغير ما أنزل الله إلا فشا فيهم الفقر، ولا ظهرت فيهم الفاحشة إلا فشا فيهم الموت، ولا طففوا المكيال إلا مُنِعوا النبات وأخذوا بالسنين، ولا مَنَعوا الزكاة إلا حُبِسَ عنهم القطر] (٢).
وعن عكرمة: (﴿فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا﴾ قال: قولهم في الأنواء).
قلت: يشير إلى ما رواه البخاري ومسلم عن زيد بن خالد الجُهَني أنه قال: [صَلّى لنا النبي - ﷺ - صلاةَ الصبح بالحديبية على إِثْر سماءٍ كانت من الليل، فلما انْصَرَف أَقْبلَ على الناس فقال: هل تدرون ماذا قال رَبُّكم؟ قالوا: الله ورسولهُ أعلم. قال: أَصْبحَ مِنْ عبادي مُؤمِنٌ بي وكافِرٌ، فأمَّا مَنْ قال: مُطِرْنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأمّا من قال: بِنَوْءَ كذا وكذا، فذلك كافِرٌ بي ومؤمنٌ بالكوكب] (٣).
٥١ - ٥٤. قوله تعالى: ﴿وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا (٥١) فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا (٥٢) وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا (٥٣) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا﴾.
في هذه الآيات: تحميلُ الله تعالى نبيّه محمدًا - ﷺ - كامل مهمة النذارة للثقلين،
(١) موقوف في حكم المرفوع. انظر: "معالم التنزيل" (٦/ ١٨٤) - البغوي، والمرجع السابق، - السلسلة الصحيحة- ج (٥)، ص (٥٩٣) عقب الحديث السابق.
(٢) حديث حسن. انظر تخريج الترغيب (١/ ٢٧١)، وصحيح الجامع الصغير (٣٢٣٥).
(٣) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٨٤٦) - كتاب الأذان، ومسلم (٧١)، وأحمد (٤/ ١١٧).