وأمره مجاهدة المشركين بالقرآن الكريم. وتذكيرٌ من الله تعالى عباده ببعض نعمه العظيمة عليهم: كنعمة الماء العذب للشرب والسقي، ونعمة الماء المالح في البحار والمحيطات لصحة الهواء وطيب الميتة فيها، ونعمة إخراج نوعين من الخلق -ذكر وأنثى- وجعله منهما نسبًا وصهرًا والله على كل شيء قدير.
فقوله تعالى: ﴿وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا﴾.
أي: ولو شئنا يا محمد بعثنا إلى كل مصر ومدينة وقرية نذيرًا ينذرهم بأسنا ويخفف عنك أعباء ما حملناك من أعباء البلاغ للأمم. قال ابن جرير: (ولكنا حملناك ثقل نذارة جميع القرى، لتستوجب بصبرك عليه إن صبرت ما أعدّ الله لك من الكرامة عنده).
وفي التنزيل نحو ذلك:
١ - قال تعالى: ﴿وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا﴾ [الأنعام: ٩٢].
٢ - وقال تعالى: ﴿لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ﴾ [الأنعام: ١٩].
٣ - وقال تعالى: ﴿قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا﴾ [الأعراف: ١٥٨].
٤ - وقال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا﴾ [سبأ: ٢٨].
ومن صحيح السنة المطهرة في ذلك أحاديث:
الحديث الأول: أخرج البخاري من حديث جابر مرفوعًا: [وكان النبي يُبْعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس كافة] (١).
الحديث الثاني: أخرج مسلم في صحيحه من حديث جابر بن عبد الله الأنصاري - أيضًا- قال: قال رسول الله - ﷺ -: [أُعطيتُ خمسًا لم يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قبلي: كان كُلُّ نبيّ يُبْعث إلى قومه خاصة، وبُعثت إلى كُلِّ أحمرَ وأسودَ.. ] الحديث (٢).
قال مجاهد: (يعني الإنس والجن).
وقوله: ﴿فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ﴾. قال ابن عباس: (بالقرآن).
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٥٢١) ح (٣) - كتاب المساجد ومواضع الصلاة، في أثناء حديث طويل. وفي لفظ: [بعثتُ إلى الأحمر والأسود].