٢ - وقال تعالى: ﴿أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [النمل: ٦١].
وقوله: ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا﴾.
أي: خلق الله الإنسان من نطفة ضعيفة، وهي ماء مهين، فسوى خلقه وعدّله وأخرجه بشرًا نوعين: ذكرًا وأنثى، ثم مازج بين النوعين بالنكاح فأخرج منهما نسبًا وصهرًا.
قال النسفي: (أراد تقسيم البشر قسمين، ذوي نسب: أي ذكورًا ينسب إليهم فيقال فلان بن فلان، وفلانة بنت فلان، وذوات صهر: أي إناثًا يصاهر بهن).
وقال ابن كثير: (﴿فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا﴾، فهو في ابتداء أمره ولَدٌ نَسيبٌ، ثم يَتَزوَّج فيصير صهرًا، ثم يَصِيرُ له أصْهارٌ وأختانٌ وقرابات. وكل ذلك من ماء مهين. ولهذا قال: ﴿وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا﴾).
٥٥ - ٦٠. قوله تعالى: ﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُهُمْ وَلَا يَضُرُّهُمْ وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا (٥٥) وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (٥٦) قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا (٥٧) وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا (٥٨) الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا (٥٩) وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا (٦٠)﴾.
في هذه الآيات: توبيخُ الكفار في عبادتهم ما لا ينفعهم ولا يضرهم، وإثبات إرساله تعالى نبيّه إلى جميع الخلق ليبشرهم وينذرهم ولا يبتغي الأجر منهم، وأمْرُهُ تعالى نبيّه بالتوكل عليه وتنزيهه فهو الخبير سبحانه بأعمالهم، الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام، وهم يكفرون بالرحمان، ولا يسجدون له بل يزدادون من البغي والطغيان.
فقوله: ﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُهُمْ وَلَا يَضُرُّهُمْ﴾.
تقريع من الله تعالى للمشركين في اتخاذهم آلهة لا تضر ولا تنفع، يصرفون لها