عليهم الشهب، فرجعت الشياطين. فقالوا: ما لكم؟ فقالوا: حيل بيننا وبين خبر السماء وأرسلت علينا الشهب.. ] الحديث (١).
وخلاصة المعنى: تقدس الله تعالى الذي جعل في السماء الكواكب والنجوم زينة لها، وحفظًا من استراق السمع من الشياطين إذ تحرقهم شهبها.
وقوله: ﴿وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا﴾. قال قتادة: (السراج: الشمس). أي: وجعل سبحانه الشمس كالسراج المتوهج، كما قال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا﴾ [النبأ: ١٣]. وجعل القمر مضيئًا منيرًا بعكس ضوء الشمس عليه، وإلا فالقمر غير مضيء بنفسه.
وفي التنزيل نحو ذلك:
١ - قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا﴾ [يونس: ٥].
٢ - وقال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا (١٥) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا﴾ [نوح: ١٥، ١٦].
وقوله: ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً﴾.
قال أبو عبيدة: (الخِلفة كل شيء بعد شيء). ومنه قول مجاهد في هذه الآية: (هذا يخلف هذا، وهذا يخلف هذا). وقيل: (خلفة: أسود وأبيض) والأول أرجح.
كما في التنزيل:
١ - قال تعالى: ﴿لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾ [يس: ٤٠].
٢ - وقال تعالى: ﴿يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا﴾ [الأعراف: ٥٤].
وعن الحسن قال: (جعل أحدهما خَلَفًا للآخر، إن فات رجلًا من النهار شيء أدركه من الليل، وإن فاته من الليل أدركه من اللهار).
قلت: وقول الحسن مناسب لتتمة الآية: ﴿لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا﴾. أي: لمن أراد أن يذكر عظمة الله وأمره فينيب إلى طاعته وشكره. قال مجاهد: ﴿أَوْ أَرَادَ شُكُورًا﴾ قال: شكر نعمة ربه عليه فيهما).

(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٤٩٢١) - كتاب التفسير، ورواه مسلم والترمذي وغيرهما.


الصفحة التالية
Icon