تعالى: ﴿إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ﴾ [الإسراء: ٢٧].
فالمعنى: ومن صفات عباد الرحمن أنهم إذا أنفقوا أموالهم لم يبالغوا في الإنفاق فوق الحاجة، ولم يَبْخَلوا عن أهليهم فيما يجب عليهم في حقهم، وإنما هم أهل العدل والوسطية في إنفاقهم كما هو كذلك في كل شيء.
وقوله: ﴿وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا﴾. قال النسفي: (أي عدلًا بينهما، فالقوام العدل بين الشيئين).
وفي التنزيل نحو ذلك:
١ - قال تعالى: ﴿وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا﴾ [الإسراء: ٢٩].
٢ - وقال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ﴾ [البقرة: ٢٥٤].
ومن صحيح السنة العطرة في آفاق هذه الآية أحاديث:
الحديث الأول: روى مسلم في صحيحه عن عائشة قالت: قال رسول الله - ﷺ -: [إذا أنفقت المرأة من بيت زوجها غيرَ مُفْسِدَة، كان لها أَجْرُها، ولهُ مِثْلُهُ بما اكتسب، ولها بما أنفقت، وللخازنِ مِثْلُ ذلك، من غير أن يُنْقَصَ من أجورهم شيئًا] (١).
الحديث الثاني: أخرج البخاري والنسائي عن أبي مسعود البدري مرفوعًا: [إذا أنفق الرجل على أهله نفقة يحتسبها فهي له صدقة] (٢).
الحديث الثالث: أخرج أبو داود بسند صحيح عن معاوية القشيري قال: قلت: يا رسول الله، ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: [أَنْ تطعِمَها إذا طَعِمْتَ، وتكْسُوَها إذا اكتسيت، أو "اكتسبت"، ولا تضرب الوجه، ولا تقبّحْ ولا تَهْجُرْ إلا في البيت] (٣).
٦٨ - ٧١. قوله تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ

(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم (١٠٢٤) ح (٨١) - كتاب الزكاة. وانظر كذلك ح (٨٠).
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (١/ ٢٠)، والنسائي (١/ ٣٥٣)، والطيالسي (ص ٨٦) رقم (٦١٥)، وفي رواية للبخاري (٦/ ١٨٩): "المسلم" بدل "الرجل".
(٣) حديث حسن صحيح. أخرجه أبو داود (٢١٤٢) - كتاب النكاح، باب في حق المرأة على زوجها. انظر صحيح سنن أبي داود (١٨٧٥)، (١٨٧٦)، (١٨٧٧).


الصفحة التالية
Icon