النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (٦٨) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (٦٩) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (٧٠) وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (٧١)}.
في هذه الآيات: متابعةُ الثناء من الله تعالى على عباده المؤمنين، فهم يفردونه بالألوهية ولا يقتلون النفس التي حرّم ولا يزنون فإن من يفعل ذلك يصبح من الآثمين، ويضاعف له العذاب المهين، إلا من تاب وآمن وبادر بالعمل الصالح فإنه يلقى عفو الغفور الرحيم.
أخرج البخاري ومسلم وأحمد والنسائي عن عبد الله رضي الله عنه قال: [سأَلَتْ -أو سُئِلَ- رسولُ الله - ﷺ -: أيُّ الذنب عند الله أكْبَرُ؟ قال: أن تَجْعَلَ لله نِدًّا وهو خلقَكَ. قلتُ: ثم أيُّ؟ قال: أن تقتل ولدك خشية أن يَطْعَمَ معك. قلتُ: ثم أيُّ؟ قال: أن تُزاني بحليلة جارِك. قال: ونزلت هذه الآية تَصْديقًا لقول رسول الله - ﷺ - ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ﴾] (١).
وفي الصحيحين أيضًا عن ابن عباس رضي الله عنهما: [أنّ أناسًا من أهل الشرك كانوا قد قتلوا وأكثروا، وزنوا وأكثروا، فأتوا محمدًا - ﷺ - فقالوا: إن الذي تقول وتدعو إليه لحسن لو تخبرنا أنّ لما عملنا كفارة، فننرل: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ﴾. ونزل: ﴿قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ﴾ [الزمر: ٥٣]] (٢).
فربط سبحانه في هذه الآية الكريمة بين الشرك والقتل والزنا، فإن الشرك بالله يتبعه كل كبيرة، فليس يحول بين المشرك والكبائر خوف من الله شأن المؤمنين، وكذلك
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٤٨١٠) - كتاب التفسير، سورة الزمر، آية (٣٣). ورواه مسلم.
ورواه ابن جرير في "التفسير" (٢٦٥٠٤).