انتشار القتل وهو الهرج غالبًا ما يتبعه استباحة الأعراض وركوب الفواحش، نعوذ بالله من حال المجرمين والمستكبرين والمشركين.
وقوله: ﴿وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا﴾. أي يلق من الله تعالى جزاء إثمه عقوبة ونكالًا.
والأثام: العقاب.
وقوله تعالى: ﴿يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا﴾.
قال النسفي: (أي يعذب على مرور الأيام في الآخرة عذابًا على عذاب. وقيل إذا ارتكب المشرك معاصي مع الشرك عذب على الشرك وعلى المعاصي جميعًا، فتضاعف العقوبة لمضاعفة المعاقب عليه. ويخلد ﴿فِيهِ﴾ في العذاب. ﴿مُهَانًا﴾ حال أي ذليلًا).
وقال القاسمي: (﴿مُهَانًا﴾ أي ذليلًا محتقرًا جامعًا لعذابي الجسم والروح).
قلت: ولا شك أنّ هذا اللفظ ﴿مُهَانًا﴾ فيه مبالغة في الوعيد مما ينتظر المشركين يوم القيامة، من الإهانة والاحتقار والمذلة والصَّغار.
أخرج الترمذي بسند حسن عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه، عن النبي - ﷺ - قال: [يحشرُ المتكبرون يوم القيامة أمثالَ الذّرِ في صُوَرِ الرجال، يغشاهم الذُّل من كل مكانٍ، يُساقون إلى سجنٍ في جهنم يُسمى بُولُسَ، تعلوهم نار الأنيار، يُسْقَون من عصارة أهل النار، طينة الخبال] (١).
وقوله تعالى: ﴿إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾.
أي: إلا من راجع طاعة ربه بالتوبة والإنابة وتصحيح الإيمان وامتثال صالح العمل فأولئك تصير سيئاتهم حسنات والله غفور رحيم.
أخرج الشيخان عن سعيد بن جبير قال: [أمرني عبد الرحمن بن أبْزى قال: سَل ابن عباس عن هاتين الآيتين ما أمرهما؟ ! ﴿وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ﴾، ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا﴾. فسألت ابن عباس فقال: لَمَّا نزلت التي في الفرقان قال مشركوا أهل مكة: قد قتلنا النفس التي حرّم الله، ودعونا مع الله إلهًا آخر، وقد آتينا الفواحش! فأنزل الله: ﴿إِلَّا مَنْ تَابَ﴾. وأما التي في النساء الرجل إذا عرفَ الإسلام