وشرائعه ثم قتل فجزاؤه جهنم خالدًا فيها. فذكرته لمجاهد فقال: إلا من ندم] (١).
وله شاهد عند الطبراني بسند حسن عن زيد بن ثابت قال: [لما نزلت هذه الآية التي في "الفرقان": ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ عَجِبْنا لِلِيْنْها، فلبثنا ستة أشهر، ثم نزلت التي في "النساء": ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ﴾ حتى فرغ].
وعن سعيد بن المسيب: ﴿فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ﴾ قال: (تصير سيئاتهم حسنات لهم يوم القيامة).
وعن ابن زيد قال: (﴿إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ﴾ قال: تاب من الشرك، قال: وآمن بعقاب الله ورسوله ﴿وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا﴾، قال. صدق، ﴿فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ﴾ قال: يبدل الله أعمالهم السيئة التي كانت في الشرك بالأعمال الصالحة حين دخلوا في الإيمان).
قلت: فصدق الإيمان بالله مع التوبة الصادقة يقابله الله تعالى بتبديل السيئات التي تيب منها حسنات.
فقد أخرج الحاكم بسند حسن عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - ﷺ -: [لَيَتَمَنَّيَنَ أَقْوامٌ لو أكْثروا من السيئات، قالوا: بِمَ يا رسول الله؟ قال: الذين بدل الله سيئاتهم حسنات] (٢).
وقوله: ﴿وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾. أي: وكان الله ولم يزل ذا عفو عن ذنوب من تاب من عباده، واستقبل طاعته وتعظيم أمره، وذا رحمة به أن يعاقبه على ما سلف من الذنوب بعد صدق التوبة منها.
وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا﴾.
أي: ومن يترك المعاصي ويندم عليها ويدخل في العمل الصالح، فإنه بذلك تائب إلى الله متابًا مَرْضِيًا عنده، مكفرًا للخطايا، محصلًا للثواب. قرّره الزمخشري.
قلت: والآية تدل أن التماس العمل الصالح والمثابرة عليه يؤكد صحة التوبة ويرجى من جراء هذه المثابرة قبولها.

(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٤٧٦٥) - كتاب التفسير، وكذلك (٣٨٥٥) كتاب مناقب الأنصار، ورواه مسلم (٣٠٢٣) ح (١٩) (٢٠) - كتاب التفسير. وانظر للشاهد "المعجم الكبير" للطبراني (٥/ ١٥٠/ ٤٨٦٩)، وسنده حسن في التابعات والشواهد، كما في السلسلة الصحيحة (٢٧٩٩).
(٢) أخرجه الحاكم (٤/ ٢٥٢)، ورجاله ثقات. وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة (٢١٧٧).


الصفحة التالية
Icon