أنفسهم عن التلوث برجس تلك المجالس، متنزهين عن التدنس بما فيها من اللغو والفساد. قال الحسن: (اللغو كله: المعاصي). وعن سَيّار: (إذا مَرّوا بالرفث كفّوا).
وقال مجاهد: (إذا أوذوا مروا كرامًا، قال: صفحوا).
وقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا﴾.
قال قتادة: (يقول: لم يَصُمّوا عن الحق ولم يَعْموا فيه، فهم -والله- قوم عقلوا عن الحق، وانتفعوا بما سمعوا من كتابه).
وقال الحسن البصري: (كم من رجل يقرؤها ويخرّ عليها أصمَّ أعمى).
وعن مجاهد: (﴿لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا﴾ فلا يسمعون، ولا يبصرون، ولا يفقهون حقًّا). قال ابن جرير: (يقول تعالى ذكره: والذين إذا ذكَّرهم مذكر بحجج الله، لم يكونوا صُمًّا لا يسمعون، وعميًا لا يبصرونها. ولكنهم يِقَاظُ القلوب، فهماء العقول، يفهمون عن الله ما يذكِّرهم به، ويفهمون عنه ما ينبههم عليه، فيوعون مواعظه آذانًا سمعته، وقلوبًا وعته).
وقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾.
هو من جوامع الدعاء الذي أوحاه الله في صفة رجاء عباده المؤمنين، فهم يرغبون إلى ربهم عز وجل في دعائهم ومسألتهم أن يجعل في أزواجهم وذرياتهم ما تقرّ به أعينهم حين يرونهم يقومون بطاعة الله ويعملون بهديه. وفي آفاق ذلك تكلم المفسرون:
١ - قال ابن عباس: (قوله: ﴿هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ﴾ يعنون: من يعمل لك بالطاعة، فتقرّ بهم أعيننا في الدنيا والآخرة).
٢ - وعن الحسن قال: (المؤمن يرى زوجته وولده يطيعون الله).
٣ - وعن ابن جُريج قال: (قوله: ﴿رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ﴾ قال: يعبدونك يحسنون عبادتك، ولا يجرّون علينا الجرائر).
٤ - وقال ابن زيد. (يسألون الله لأزواجهم وذرياتهم أن يهديهم للإسلام).
أخرج الإمام أحمد في المسند، بإسناد صحيح، عن عبد الرحمن بن جُبَير بن نُفَير، عن أبيه قال: [جَلسنا إلى المِقداد بن الأسود يومًا، فَمَرَّ به رجل فقال: طُوبى