بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
١ - ٩. قوله تعالى: ﴿طسم (١) تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (٢) لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (٣) إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ (٤) وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ (٥) فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (٦) أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (٧) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (٨) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (٩)﴾.في هذه الآيات: انتصارٌ لهذا القرآن وتسلية للنبي الكريم، وذكر حكمة الله تعالى في اختيار العباد أحد الطريقين، فالمشركون معرضون مكذبون وسيأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون. فهلّا نظروا إلى الأرض كيف ينبت الله فيها من كل زوج كريم؟ ! إن في ذلك لآية من الله العزيز الرحيم، ولكن أكثر الناس لا يؤمنون.
قوله تعالى: ﴿طسم﴾.
تقدم القول في مفهوم الحروف المقطعة في أوائل السور، وأن غاية ما يقال: إن هذا القرآن هو من جنس هذه الأحرف، وهذه السورة الجامعة لتاريخ الأمم مع رسلها ومفهوم الخلق من مبدئه إلى منتهاه قد صيغت في بيان رائع من مثل هذه الحروف التي يتكلم العرب ويتخاطبون بها، ومع ذلك هم عاجزون عن معارضة هذا القرآن بمثله أو بسورة نحوه، أضف إلى ذلك ذكر الانتصار لهذا الكتاب المعجز بعد ذكر هذه الأحرف.
قال ابن القيم رحمه الله في "الكافية الشافية":
وانظر إلى السور التي افتتحت بأحْرفها | ترى سرًّا عظيم الشان |
لم يأت قط بسورة إلا أتى | في إثرها خبر عن القرآن |
إذ كان إخبارًا به عنها وفي | هذا الشفاء لطالب الإيمان |