ويدل أن كلامه هو نفسها | لا غيرها، والحق ذو تبيان |
فانظر إلى مبدا الكتاب وبعدها الـ | أعراف ثم كذا إلى لقمان |
مع تلوها أيضًا ومع حم مع | يس وافهم مقتضى الفرقان |
أي: هذه آيات هذا القرآن البيّن الجلي، الفرقان الذي يفرق بين الحق والباطل.
وقوله تعالى: ﴿لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِين﴾.
أي: لعلك - يا محمد - مهلك نفسك إن أصر قومك على كفرهم.
والبَخْعُ في كلام العرب: القتل والإهلاك. قال الرازي: (بَخَعَ نفسه قتلها غَمًّا).
وعن ابن عباس: (﴿بَاخِعٌ نَفْسَكَ﴾: قاتل نفسك). قال قتادة: (لعلك من الحرص على إيمانهم مخرج نفسك من جسدك، قال: ذلك البخع).
وقوله تعالى: ﴿إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ﴾.
أي: إن نشأ أن ننزل عليهم آية تحملهم على الإيمان قهرًا، وتضطرهم إلى الإذعان للحق جبرًا، لفعلنا ذلك، ولكن لا نريد لأحد أن يؤمن إلا باختياره، فمضت حكمة الله بإرسال الرسل وإنزال الكتب.
قال ابن جريج: (لو شاء الله لأراهم أمرًا من أمره لا يعمَل أحد منهم بعده بمعصية).
وعن ابن عباس: (قوله: ﴿فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ﴾ قال: ملقين أعناقهم).
وعن مجاهد: (فظلوا خاضعة أعناقهم لها). وقال ابن زيد: (الخاضع: الذليل).
وخلاصة المعنى كما قال قتادة: (لو شاء الله لنزل عليه آية يذلون بها، فلا يَلْوي أحد عنقه إلى معصية الله).
وفي التنزيل نحو ذلك:
١ - قال تعالى: ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾ [يونس: ٩٩].
٢ - وقال تعالى: ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (١١٨) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ﴾ [هود: ١١٨ - ١١٩].