صنعته بنا وصلبتنا ﴿إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ﴾ يقول: إنا إلى ربنا راجعون، وهو مجازينا بصبرنا على عقوبتك إيانا، وثباتنا على توحيده، والبراءة من الكفر به).
وقوله: ﴿إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا﴾.
قال ابن زيد: (السحر والكفر الذي كانوا فيه).
وقوله: ﴿أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ﴾. قال ابن وهب، قال ابن زيد: (كانوا كذلك يومئذ أول من آمن بآياته حين رأوها).
والمقصود: إنا نرجو عفو الله ومغفرته عما انغمسنا فيه من السحر والكفر وطاعة فرعون، ونتوسل إليه سبحانه بعمل صالح: أن كنا أول من أعْلنَ إيمانه بالله العظيم.
٥٢ - ٥٩. قوله تعالى: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (٥٢) فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (٥٣) إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (٥٤) وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ (٥٥) وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ (٥٦) فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٥٧) وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (٥٨) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾.
في هذه الآيات: وَحْيُ الله تعالى إلى موسى عليه السلام الخروج ليلًا مع بني إسرائيل، واتباع فرعون وجنوده لهم، وإغراق الله تعالى فرعون وجنده واستخلاف بني إسرائيل.
فقوله تعالى: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ﴾.
سنة الله تعالى في التوطئة لإنجاء المؤمنين، وإهلاك الكافرين، بعد رضاه سبحانه عن منهاج فئة الإيمان، وبلاع حجة الرحمان، حجة الوحي البالغة. فإنه لما قام موسى عليه السلام ببلاد مصر يدعو إلى عبادة الله وحده والكفر بفرعون وغروره في دعواه الربوبية، لم يكن بُدٌّ بعد حين مِن استعارِ نار العداوة من الطاغية إلى حد الطغيان، فهنا جاء أمر الله لموسى والمؤمنين بالهجرة فقد اقترب يوم الفصل.
قال القرطبي: (أمر موسى أن يخرج ببني إسرائيل ليلًا وسمّاهم عباده، لأنهم آمنوا بموسى. ومعنى: ﴿إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ﴾ أي: يتبعكم فرعون وقومه ليردوكم. وفي ضمن هذا الكلام تعريفهم أن الله ينجيهم منهم، فخرج موسى عليه السلام ببني إسرائيل سَحَرًا،