[ما مِنْ قوم يُعْمَلُ فيهم بالمعاصي، هُمْ أَعَزُّ وأكثرُ مِمَّنْ يَعْمَلُهُ، لمْ يُغيِّروه، إلا عَمَّهم الله بعقاب] (١).
الحديث الرابع: أخرج البيهقي في "شعب الإيمان" بسند حسن في الشواهد عن عائشة مرفوعًا: [إذا ظهر السوء في الأرض أنزل الله عز وجل بأسه بأهل الأرض، وإن كان فيهم صالحون، يصيبهم ما أصاب الناس، ثم يرجعون إلى رحمة الله] (٢). وله شاهد عند الطبراني والحاكم من حديث ابن عباس مرفوعًا: [إذا ظهر الزِّنا والرِّبا في قرية، فقد أحَلُّوا بأنفسهم عذاب الله].
٦٠ - ٦٨. قوله تعالى: ﴿فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ (٦٠) فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (٦١) قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (٦٢) فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (٦٣) وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ (٦٤) وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ (٦٥) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ (٦٦) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (٦٧) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (٦٨)﴾.
في هذه الآيات: قصةُ غرق الطاغية فرعون وجنده الظالمين، وانفلاق البحر ونجاة موسى عليه السلام والمؤمنين، وفي ذلك أكبر آية من الله العزيز الرحيم، وقد كان سبق في علم الله أن أكثرهم لا يؤمنون.
فقوله تعالى: ﴿فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ﴾. قال مجاهد: (فرعون وأصحابه، وخيل فرعون في ملء أعنتها في رأي عيونهم، ولا تبرح، حبست عن موسى وأصحابه حتى تواروا). وقوله: ﴿مُشْرِقِينَ﴾ حال، أي: داخلين في وقت شروق الشمس وهو طلوعها، أدرك فرعون - الذي خرج في جَحْفلٍ عظيم وجمع كبير من الجنود والأعوان والأمراء والوزراء - موسى وقومه وقت طلوع الشمس.

(١) حديث حسن. أخرجه ابن ماجة (٤٠٠٩) في الفتن. باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والبيهقي في "السنن" (١٠/ ٩١)، ورواه أحمد وغيره.
(٢) حديث حسن. أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (٢/ ٤٤١/ ٢). وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة (١٣٧٢). وانظر للشاهد صحيح الجامع الصغير (٦٩٢).


الصفحة التالية
Icon