وقوله تعالى: ﴿فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ﴾.
أي: فلما رأى كل فريق من الفريقين صاحبه قال أصحاب موسى له: إنا لملحقون.
قال النسفي: (أي: قرب أن يلحقنا عدونا وأمامنا البحر).
وقوله تعالى: ﴿قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾. قال السدي: (يقول: سيكفيني).
أي: قال موسى لقومه كلا لا تخافوا وأحسنوا ثقتكم بالله فإنكم لن تُدْرَكُوا، إنَّ معي ربي سيهديني. قال ابن جرير: (يقول: سيهديني لطريق أنجو فيه من فرعون وقومه).
وقوله تعالى: ﴿فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ﴾. قال ابن عباس: (يقول: كالجبل). وقال السدي: (﴿كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ﴾: كالجبل العظيم). أي: فأوحينا أمرنا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فضربه فانفلق بإذن الله فكان كل جزء متفرق منه كالجبل الكبير.
قال ابن عباس: (صار البحر اثني عشر طريقًا، لكل سِبْطٍ طريق). وزاد السدي: (وصار فيه طاقاتٌ ينظر بعضهم إلى بعض، وقام الماء على حَيْلِهِ كالحيطان، وبعثَ الله الريح على قَعر البحر فَلَفَحته، فَصَار يَبَسًا كوجه الأرض، قال الله تعالى: ﴿فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى﴾ [طه: ٧٧]).
وقوله تعالى: ﴿وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ﴾. قال ابن عباس: (قرّبنا).
وقال قتادة: (هم قوم فرعون قربهم الله حتى أغرقهم في البحر).
قال القاسمي: (﴿وَأَزْلَفْنَا﴾ أي: قرّبنا ﴿ثَمَّ﴾ أي: حيث انفلق البحر ﴿الْآخَرِينَ﴾ يعني قوم فزعون، أي: قدمناهم إلى البحر حتى دخلوا على أثر بني إسرائيل).
وقوله تعالى: ﴿وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ (٦٥) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ﴾.
أي: حفظنا البحر على تلك الهيئة حتى عبر موسى ومن معه ونجوا. ثم أطبقنا البحر على قوم فرعون فهلكوا ولم يبق منهم أحد.
أخرج الإمام الترمذي في جامعه، والإمام أحمد في مسنده، بسند صحيح عن ابن عباس، أن النبي - ﷺ - قال: [لمَّا أغرق الله فِرْعونَ قال: آمَنْتُ أنَّه لا إله إلا الذي آمنت به