بنو إسرائيل. فقال جبرئيل: يا مُحمَّدُ لو رَأَيْتَني وأنا آخذ من حالِ البَحْر وأدُسُّهُ في فيهِ مخافةَ أنْ تدركَهُ الرَّحْمة] (١).
وكذلك روى الترمذي عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، ذكر أحدهما عن النبي - ﷺ -: [أنّهُ ذَكَرَ أنَّ جِبْرَئيل جعل يَدُسُّ في فِي فِرْعونَ الطينَ، خَشْيةَ أن يقولَ: لا إلهَ إلا الله فَيرحَمَهُ الله، أوْ خَشْيَةَ أن يَرْحَمَهُ] (٢).
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (٦٧) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾.
أي: إن في هذا الخبر عن فرعون ومصيره هو وقومه وما في ذلك من العجائب والنصر والتأييد من الله لعباده المؤمنين، لدلالة وحجة بالغة لمن أراد الاعتبار والتدبر، ولكن ما كان أكثر قومك - يا محمد - مؤمنين بما آتاك الله من الآيات والحق المبين. وإن ربك لهو ﴿الْعَزِيزُ﴾ في انتقامه ممن كفر به وكذب رسله ﴿الرَّحِيمُ﴾ بأوليائه وأتباع رسله ومن أنجى منهم أن ينالهم الغرق والعذاب الذي نزل بأعدائه.
قال ابن جرير: ﴿وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ يقول: وما كان أكثر قومك يا محمد مؤمنين بما آتاك الله من الحق المبين، فسابق في علمي أنهم لا يؤمنون).
٦٩ - ٧٧. قوله تعالى: ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ (٦٩) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ (٧٠) قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ (٧١) قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ (٧٢) أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ (٧٣) قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (٧٤) قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (٧٥) أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (٧٦) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ (٧٧)﴾.
في هذه الآيات: إخبارٌ من الله تعالى عن عبده ورسوله وخليله إبراهيم، عليه أفضل الصلاة والتسليم، إمام الحنفاء وقدوة الموحدين، وأسوة المخلصين والمتوكلين، في خطابه لأبيه وقومه المشركين، الذين يعبدون الأصنام محتجين بفعل آبائهم الضالين، وقد أعلن لهم براءته من أوثانهم وخضوعه الكامل لله رب العالمين.

(١) حديث صحيح. أخرجه الترمذي (٣٣٢٠). انظر صحيح الترمذي (٢٤٨٣) -في التفسير- من سورة يونس. ورواه أحمد عن ابن عباس. انظر صحيح الجامع (٥٠٨٢).
(٢) صحيح الإسناد. انظر صحيح سنن الترمذي - حديث رقم - (٢٤٨٤) - أبواب تفسير القرآن.


الصفحة التالية
Icon