فقوله تعالى: ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ (٦٩) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ﴾.
أي: واقصص يا محمد على قومك من المشركين خبر أبيهم إبراهيم، إذ استنكر على أبيه وقومه ما يعبدون من دون الله من الأصنام والأوثان.
وقوله تعالى: ﴿قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ﴾.
قال ابن عباس: (الصلاة لأصنامهم). قال ابن جرير: (قالوا له نعبد أصنامًا. فنظل لها خدمًا مقيمين على عبادتها وخدمتها).
وقوله تعالى: ﴿قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ (٧٢) أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ (٧٣) قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ﴾.
أي: قال لهم إبراهيم: هل يسمعون دعاءكم حين تدعونهم، أو يجلبون لكم النفع إن عبدتموها، أو يضرونكم بأذى إن تركتم عبادتها؟ ! فأجابوه معترفين بأن أصنامهم لا تفعل شيئًا من ذلك وإنما هو تعظيم ميراث الآباء وطريقتهم.
قال أبو السعود: (اعترفوا بأنها بمعزل مما ذكر من السمع والمنفعة والمضرّة بالمرة. واضطروا إلى إظهار أن لا سند لهم سوى التقليد).
وقوله تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (٧٥) أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (٧٦) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ﴾.
قال ابن كثير: (أي: إن كانت هذه الأصنام شيئًا ولها تأثير فَلْتخْلُص إليَّ بالمساءة، فإني عَدُوٌّ لها لا أباليها ولا أفكِّرُ فيها).
وفي التنزيل من سير الأنبياء نحو ذلك:
١ - قال تعالى - مخبرًا عن نوح عليه السلام -: ﴿فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ﴾ [يونس: ٧١].
٢ - وقال تعالى - مخبرًا عن هود عليه السلام -: ﴿إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (٥٤) مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ (٥٥) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [هود: ٥٤ - ٥٦].
٣ - وقال تعالى - مخبرًا عن إبراهيم - ﷺ -: ﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ﴾ [الممتحنة: ٤].