٤ - وقال تعالى عنه أيضًا: ﴿وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا﴾ [الأنعام: ٨١].
٧٨ - ٨٢. قوله تعالى: ﴿الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (٧٨) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (٧٩) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (٨٠) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (٨١) وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (٨٢)﴾.
في هذه الآيات: إعلانُ إبراهيم لقومه بعض صفات ربه الكريم، فهو الذي خلقه ويهديه، ويطعمه ويسقيه، وإذا مرض فهو يشفيه، وهو الذي يميته ويحييه، وهو بذلك خاضع له طامع بمغفرته، والنجاة من سخطه وعذابه.
فقوله تعالى: ﴿الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ﴾. أي: يرشدني إلى الدين الحق. قال ابن جرير: (﴿فَهُوَ يَهْدِينِ﴾ للصواب من القول والعمل، ويسدّدني للرشاد).
وقوله تعالى: ﴿وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ﴾.
أي: والذي هو يغذوني بالطعام والشراب، ويرزقني الأرزاق والطيبات.
قال القرطبي: (ودخول ﴿هُوَ﴾ تنبيه على أن غيره لا يُطعم ولا يسقي، كما تقول: زيد هو الذي فعل كذا، أي: لم يفعله غيره).
وقوله تعالى: ﴿وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ﴾.
أي: وإذا اعتل جسمي ونزلت به الأسقام والآلام، فهو وحده الذي يبرئه ويشفيه ويعافيه. وفي الآية دلالة على أدب رفيع تألق به إبراهيم - ﷺ -، إذ نسب المرض لنفسه والشفاء لله، مع أن الكل من عند الله، وإنما هذا منهاج العبودية الصحيحة لله جل ثناؤه، فإن المؤمن يعتبر ما يعتريه من المصائب والأسقام والهموم والآلام بسبب ذنوبه وتقصيره.
كما قال تعالى: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾ [الشورى: ٣٠].


الصفحة التالية
Icon