وفي معجم الطبراني "الصغير" بسند حسن عن البراء بن عازب مرفوعًا: [ما اخْتلَجَ عِرْقٌ ولا عَيْنٌ إلا بِذَنْبٍ، وما يَدْفَعُ الله عنه أكثر] (١).
وقوله تعالى: ﴿وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ﴾.
أي: وهو الذي يميتني إذا شاء ثم يحييني متى شاء، فالبدء والمنتهى إليه، وبأمره البعث للقيام بين يديه.
قال النسفي: (ولم يقل إذا مت لأنه الخروج من حبس البلاء، ودار الفناء، إلى روض البقاء، لوعد اللقاء، وأدخل ثم في الإحياء لتراخيه عن الإفناء، وأدخل الفاء في الهداية والشفاء لأنهما يعقبان الخلق والمرض لا معًا معًا).
وقوله تعالى: ﴿وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ﴾.
قال مجاهد: (قوله: ﴿إِنِّي سَقِيمٌ﴾ [الصافات: ٨٩]، وقوله: ﴿بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا﴾ [الأنبياء: ٦٣]، وقوله لسارة: إنها أختي، حين أراد فرعون من الفراعنة أن يأخذها).
وهذه الأخطاء التي كان يخشى منها إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- ما هي إلا من المعاريض الجائزة، وإنما استغفار الأنبياء تواضع منهم لربهم، وهضم لأنفسهم، وتربية وتعليم لأمتهم، لينهجوا نهج الاستغفار، الذي هو مفتاح كثير من الفرج ونزول طيب الأقدار.
٨٣ - ٨٩. قوله تعالى: ﴿رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (٨٣) وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ (٨٤) وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ (٨٥) وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ (٨٦) وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ (٨٧) يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (٨٨) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (٨٩)﴾.
في هذه الآيات: التجاءُ إبراهيم عليه السلام إلى ربه سائلًا العلم والحكمة واللحاق بركب الصالحين، وحفظ السمعة العطرة له في الآخرين، وجعله من ورثة جنة

(١) حديث حسن. أخرجه الطبراني في "المعجم الصغير" (رقم ١٠٥٣)، وعنه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (٢/ ٢٤٧)، وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة (٢٢١٥).


الصفحة التالية
Icon