النعيم، والمغفرة لأبيه الذي كان من الضالين، وحفظه من الخزي يوم الدين، يوم لا ينفع المال والولد بل العمل الصالح والقلب السليم.
فقوله: ﴿رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا﴾. قال ابن عباس: (وهو العِلْم). وقال مجاهد: (هو القرآن). وقال السدي: (هو النبوة) - وبه قال ابن جرير. قال النسفي: (﴿رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا﴾ أي: حكمة، أو حكمًا بين الناس بالحق، أو نبوة، لأن النبيّ عليه السلام ذو حكمة وذو حكم بين عباد الله).
وقوله: ﴿وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾.
قال القاسمي: (أي: وفقني لأنتظم في سلكهم، لأكون من الذين جعلتهم سببًا لصلاح العالم وكمال الخلق).
وفي المسند وسنن النسائي من حديث ابن رفاعة الزُّرَقي عن أبيه - في دعاء النبي - ﷺ - بعد غزوة أحد: [اللهم توفنا مسلمين، وأحينا مسلمين، وألحقنا بالصالحين، غير خزايا ولا مفتونين] (١).
وقوله تعالى: ﴿وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ﴾. قال ابن عباس: (هو اجتماع الأمم عليه). وقال مجاهد: (يعني الثناء الحسن). وقال ابن زيد: (اللسان الصِّدق، والذكر الصدق، والثناء الصالح، والذكر الصالح، في الآخرين من الناس، من الأمم).
والمقصود: أنَّ إبراهيم عليه السلام سأل ربه تعالى أن يجعل له الذكر الجميل في الأمم وأن يجعله قدوة تتأسى به الأجيال. وقد حصل له ذلك بفضل الله، كما قال ليثُ بن أبي سُلَيم: (كُلُّ ملة تُحِبُّه وتتولّاه).
وفي التنزيل نحو ذلك:
١ - قال تعالى: ﴿وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (١٠٨) سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (١٠٩) كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ [الصافات: ١٠٨ - ١١٠].
٢ - وقال تعالى: ﴿وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ﴾ [العنكبوت: ٢٧].
٣ - وقال تعالى: ﴿وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ﴾ [النحل: ١٢٢].