٤ - وقال سعيد بن المسيِّب: (القلب السليمُ: هو القلب الصحيح، وهو قلبُ المؤمن، لأن قلب المنافق مريض، قال الله تعالى: ﴿فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾ [البقرة: ١٠]).
٥ - وقال أبو عثمان النيسابوري: (هو القلب الخالي من البِدعة، المطمئِنُّ على السُّنَّةِ).
٦ - وقال الضحاك: ﴿إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾ قال: هو الخالص).
قلت: وكل هذه الأقوال يدل على المعنى، وهو أن القلب السليم هو القلب الذي سلم من الشرك والنفاق وخلص فيه التوجه إلى الله تعالى على منهاج النبوة.
٩٠ - ١٠٤. قوله تعالى: ﴿وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ (٩٠) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ (٩١) وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (٩٢) مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ (٩٣) فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ (٩٤) وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ (٩٥) قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ (٩٦) تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٩٧) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٩٨) وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ (٩٩) فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ (١٠٠) وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ (١٠١) فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (١٠٢) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٠٣) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (١٠٤)﴾.
في هذه الآيات: يخبر تعالى عن جنة الخلد كيف قربت يوم القيامة من أهلها وأدنيت منهم مزخرفة مزينة لأهل التقوى أهل النعيم، وعن نار جهنم كيف أظهرت وهي تزفر لأهلها المشركين والمجرمين، ثم ألقوا فيها أذلاء صاغرين، فهم فيها وإبليس وجنوده يختصمون، وقد حيل بينهم وبين الشفاعة وما يشتهون، وفي ذلك أكبر الآيات من الله العزيز الرحيم، ولكن أكثر الناس لا يؤمنون.
فقوله تعالى: ﴿وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾.
قال القرطبي: (أي قربت وأدنيت ليدخلوها). وقال الزجاج: (قرب دخولهم إياها).
وقوله تعالى: ﴿وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ﴾. قال ابن جرير: (يقول: وأظهرت النار للذين غووا فضلوا عن سواء السبيل). وقال ابن كثير: (أي: أُظهِرت وكُشِفَ عنها، وبدت