منها عُنُقٌ فَزَفرت زَفرة بلغت منها القلوب الحناجر). وقال القرطبي: (أي: أظهرت ﴿الْجَحِيمُ﴾ يعني جهنم. ﴿لِلْغَاوِينَ﴾ أي: الكافرين الذين ضلوا عن الهدى. أي: تظهر جهنم لأهلها قبل أن يدخلوها حتى يستشعروا الروع والحزن، كما يستشعر أهل الجنة الفرح لعلمهم أنهم يدخلون الجنة).
وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله - ﷺ -: [يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام، مَعَ كل زمام سبعون ألف ملك يجرُّونها] (١).
وقوله تعالى: ﴿وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (٩٢) مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ﴾.
تقريع وتوبيخ لأهل النار الذين استحقوا دخولها بعبادتهم الأوثان والأنداد والطواغيت من دون الله. فيقال لهم: أين الأنداد اليوم لينقذوكم من عذاب الله وبأسه وغضبه؟ ! أو ينصرون أنفسهم فينجون من دخول النار معكم! ؟
قال النسفي: (يوبخون على إشراكهم فيقال لهم: أين آلهتكم هل ينفعونكم بنصرتهم لكم؟ أو هل ينفعون أنفسهم بانتصارهم؟ لأنهم وآلهتهم وقود النار).
وقوله تعالى: ﴿فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ﴾. أي: فرمي ببعضهم في الجحيم على بعض منكبين على وجوههم إذلالًا لهم. قال ابن عباس: (﴿فَكُبْكِبُوا فِيهَا﴾ يقول: فجمعوا فيها). وقال مجاهد: (﴿فَكُبْكِبُوا﴾: فدهوروا). وقال ابن زيد: (طرحوا فيها). وعن قتادة: (﴿وَالْغَاوُونَ﴾: الشياطين).
وفي لغة العرب: كبكَبهُ أي كبَّهُ، وكبَّه الله لوجهه أي: صرعه. والمقصود: ألقي الكفار بعضهم على بعض في جهنم وقادتهم الذين دعوهم إلى الشرك. قال الزمخشري: (والكبكبة تكرير الكب - وهو الإلقاء على الوجه - جعل التكرير في اللفظ دليلًا على التكرير في المعنى، كأنه إذا ألقي في جهنم ينكب مرة بعد مرة حتى يستقر في قعرها).
وقوله تعالى: ﴿وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ﴾.
قال ابن جرير: (يقول: وكبكب فيها مع الأنداد والغاوين جنود إبليس أجمعون. وجنوده، كل من كان من تباعه من ذرّيته كان أو من ذرّية آدم).