وقوله تعالى: ﴿وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ﴾. أي: وإذا أخذتم أحدًا بعقوبة كنتم غلاظًا جبابرة قُساة. قال ابن جُريج: (القتل بالسيف والسياط).
وقوله تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ﴾. أي: فاستتروا بعبادة ربكم وطاعة رسولكم.
وقوله تعالى: ﴿وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ (١٣٢) أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ (١٣٣) وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (١٣٤) إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾.
تذكير لهم ببعض نعم الله الجليلة عليهم عسى أن ينتهوا بذلك عن الكفر والظلم.
قال ابن جرير: (يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيل هود لقومه من عاد: اتقوا عقاب الله أيها القوم بطاعتكم إياه فيما أمركم ونهاكم، وانتهوا عن اللهو واللعب، وظلم الناس، وقهرهم بالغلبة والفساد في الأرض، واحذروا سخط الذي أعطاكم من عنده ما تعلمون، وأعانكم به من بين المواشي والبنين والبساتين والأنهار ﴿إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ﴾ من الله ﴿عَظِيمٍ﴾).
وقوله تعالى: ﴿قَالُوا سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْوَاعِظِينَ﴾.
أي: فأجابت عاد هودًا - عليه الصلاة والسلام -: إن وعظك إيانا وعدمه سواء، فلا تتعب نفسك فلن نؤمن لك.
وهذا كما في التنزيل:
١ - قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ [البقرة: ٦]. قال القاسمي: (تناهوا في الغواية والضلال، إلى حيث لا يجديهم الإنذار والتذكير).
٢ - وقال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ (٩٦) وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ﴾ [يونس: ٩٦ - ٩٧].
٣ - وقال تعالى: ﴿قَالُوا يَاهُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ﴾ [هود: ٥٣].
قال ابن عباس: (كان رسول الله - ﷺ - يحرص أن يؤمن جميع الناس ويتابعوه على الهدى، فأخبره الله تعالى أنه لا يؤمن إلا من سبق له من الله السعادة في الذكر الأول، ولا يضل إلا من سبق له من الله الشقاوة في الذكر الأول).
أخرج الإمام أحمد في المسند بسند صحيح عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما -