فقوله تعالى: ﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ (١٤١) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ﴾.
قال القرطبي: (ذكر قصة صالح وقومه وهم ثمود، وكانوا يسكنون الحِجْر: وهي ذوات نخل وزروع ومياه).
ولقد دعاهم نبيّهم صالح - عليه الصلاة والسلام - فقال: ألا تتقون عقاب الله - يا قوم - على خلافكم أمره، ولزومكم معصيته، والإفساد في الأرض.
وقوله تعالى: ﴿إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٤٣) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (١٤٤) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾.
أي: إني أرسلت إليكم وأنا أمين على رسالة الله لكم، فاتقوا الله أيها القوم واستمعوا نصيحتي لكم، ﴿وَأَطِيعُونِ﴾ في تحذيري إياكم، فإني لا أبتغي من وراء بلاغي لكم أجرًا ولا منزلة، وإنما أرجو بذلك الثواب الجزيل عند الله تعالى.
وقوله تعالى: ﴿أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ (١٤٦) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (١٤٧) وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ﴾.
أي: قال صالح لقومه ثمود: أتظنون أنكم متروكون في هذه الدنيا آمنين، في بساتين وعيون ماء، وزروع ونخل قد أرطب ثمره فهو لين نضيج.
قال النسفي: (إنكار لأن يتركوا خالدين في نعيمهم لا يزالون عنه ﴿فِي مَا هَاهُنَا﴾ في الذي استقر في هذا المكان من النعيم ﴿آمِنِينَ﴾ من العذاب والزوال والموت).
وعن ابن عباس: (قوله: ﴿وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ﴾ يقول: أينع وبلغ فهو هضيم). أو قال: (إذا رَطُبَ واسترخى). وقال عكرمة: (الهضيم: الرطب اللين).
وقوله تعالى: ﴿وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ﴾. قال ابن عباس: (يعني حاذقين). أو قال: (شَرهين أشرين). قال ابن كثير: (كانوا يتخذون تلك البيوت المنحوتة في الجبال أشرًا وبَطرًا وعبثًا، من غير حاجة إلى سكناها، وكانوا حاذقين مُتقِنين لنحتِها ونَقْشِها، كما هو المشاهَدُ من حالهم لمن رأى مَنَازِلهم).
وقوله تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (١٥٠) وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ (١٥١) الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ﴾.
أي: فخافوا الله ربكم، ﴿وَأَطِيعُونِ﴾ في نصحي لكم، ولا تتبعوا أمر الرؤساء